كيف تبني وعيًا سياسيًا إسلاميًا؟

الوعي السياسي في الإسلام ليس ترفًا فكريًا، بل فريضة لحماية الدين والحقوق والكرامة.


الأمة التي لا تعرف ما يُحاك لها، ولا تميّز بين الحاكم العادل والجائر، تُسلَب منها السيادة وتُخدع بالشعارات.
اقرأ هذه السطور لتبني وعيًا متجذّرًا في القرآن، ومرتبطًا بواقع الأمة وتاريخها، لا بوسائل الإعلام المضللة.

مقدمة

الوعي السياسي الإسلامي ليس مجرد متابعة للأخبار، بل هو فقهٌ في دين الله وفهمٌ عميق لواقع الأمة وأعدائها، واستحضار دائم لحقيقة أن الإسلام دين شامل ينظم شؤون الحياة، ومن ضمنها الحكم والسياسة. قال الله تعالى:

{وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ . وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ}
[سورة القصص: 5-6]


أولاً: ما هو الوعي السياسي الإسلامي؟

هو فهم الواقع السياسي للأمة من منظور إسلامي، من خلال:

  • معرفة قواعد السياسة الشرعية كما بيّنها القرآن والسنة.
  • فهم الأحداث الجارية تحليلًا شرعيًا لا حزبيًا.
  • إدراك العلاقات الدولية والمؤامرات ضد الإسلام.
  • التفريق بين الحق والباطل وبين الحليف والعدو.

ثانيًا: خطوات بناء الوعي السياسي الإسلامي

1. الرجوع إلى القرآن والسنة

  • تعلم الآيات التي تتحدث عن الحكم، مثل:
  • قول الله تعالى:
  • {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [الأنعام: 57]
  • و قولة تعالى:
  • {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49]

  • تدبر سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في إقامة الدولة، والمعاهدات، والحروب.

2. قراءة كتب السياسة الشرعية

  • مثل:
    • السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية لابن تيمية.
    • الأحكام السلطانية للماوردي.
    • فقه السياسة الشرعية لعبد الرحمن البراك.

3. فهم الواقع السياسي للأمة

  • دراسة خريطة الدول الإسلامية، ومعرفة وضع كل دولة: من يحكمها؟ ما نظامها؟ ما علاقتها بالصهاينة؟
  • متابعة الأحداث لا من الإعلام الموجّه، بل من مصادر مستقلة، وتحليلها شرعيًا.

4. معرفة العدو من الصديق

  • لا يجوز الاغترار بـ"التطبيع" أو "التعاون الدولي" مع أعداء الله.
  • قال الله:
    {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}
    [البقرة: 120]


5. اتباع العلماء الثقات

  • لا تأخذ دينك السياسي من الإعلاميين أو الأحزاب.
  • تمسك بأقوال علماء أهل السنة الذين يدينون بالولاء لله وحده، ويجهرون بالحق.

6. المشاركة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

  • بالكلمة، والمقال، والنصيحة.
  • واجب على المسلم ألا يسكت عن الظلم أو الخيانة.


ثالثًا: مفاهيم خاطئة حول السياسة في الإسلام

1. السياسة نجاسة
من أكثر المفاهيم الخاطئة شيوعًا هو أن "السياسة نجاسة"، وأن المسلم يجب أن يبتعد عنها حفاظًا على دينه. لكن الإسلام يقدّم نموذجًا مغايرًا تمامًا؛ فالسياسة الشرعية تعني الحكم بالعدل، ورعاية مصالح الناس، ونشر الخير والحق. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إمامًا وقائدًا سياسيًا، وكذلك خلفاؤه الراشدون من بعده، وأقاموا دولة تحكم بالشريعة وتضمن الحقوق.

التصحيح الإسلامي: السياسة في الإسلام طهارة وعدل، لا خداع ومكر، فهي وسيلة لتحقيق مقاصد الشريعة في الحكم والعدل.


2. المسلم لا يهتم إلا بعبادته
يظن البعض أن المسلم الصالح هو من يعتزل الحياة العامة، ويكتفي بالصلاة والصيام. لكن الإسلام دين شامل، لا يقتصر على العبادات الفردية، بل يأمر بالاهتمام بأحوال المسلمين، ونصرة المظلوم، وإنكار المنكر، والمشاركة في بناء المجتمع.

التصحيح الإسلامي: المسلم الحقيقي يهتم بأمر الأمة كلها، كما قال النبي محمد صلى اللّه عليه وسلّم: "من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم" (رواه الطبراني).


3. الحكم الإسلامي لا يصلح في هذا العصر
يرى البعض أن تطبيق الإسلام في الحكم أصبح قديمًا، ولا يواكب العصر الحديث، لكن الحقيقة أن الإسلام هو الدين الخاتم، وشريعته صالحة لكل زمان ومكان، لأنها تقوم على العدل، والرحمة، والمصلحة الحقيقية للناس. ولا تزال التجارب المعاصرة تثبت أن القوانين الوضعية عاجزة عن تحقيق الاستقرار والكرامة للناس.

التصحيح الإسلامي: الحكم بالإسلام هو الحل الوحيد العادل للبشرية، لأنه من عند الله، العليم بمصالح خلقه.


4. المعارضة فتنة
يُشيع الطغاة أن أي معارضة لهم تُعد خروجًا على الجماعة وفتنة، لكن الإسلام يبيح – بل ويوجب – معارضة الحاكم إذا ترك الشريعة، أو ظلم، أو خان الأمانة. وقد قال النبي محمد صلى اللّه عليه وسلّم: "أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر" (رواه النسائي وصححه الألباني).

التصحيح الإسلامي: المعارضة واجبة إذا ترك الحاكم الشريعة، بشرط أن تكون بالحكمة والوسائل المشروعة، وليس بالفتنة أو التخريب.



رابعًا: من نماذج الوعي السياسي الحقيقي

  • النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة والعقبة والصلح.
  • الخلفاء الراشدون حين أقاموا العدل والمشورة والشورى.
  • العلماء الربانيون كالعز بن عبد السلام وابن تيمية في مواجهة الظلم والغزو التتري.

خاتمة

الوعي السياسي الإسلامي فريضة على كل مسلم يريد أن يسير على نهج النبي صلى الله عليه وسلم. وإن الجهل السياسي أخطر ما يُبقي الأمة في أسر الطغيان والتبعية.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
"وأما الحكم بغير ما أنزل الله فهو من أعظم أنواع الظلم..."


روابط موثوقة ومفيدة:


🔺ختامًا: تبرّع لأهل غزة وكن سببًا في نجاتهم

نذكّرك أخي الكريم بأهمية نصرة أهلنا في غزة، فهم في أمسّ الحاجة للدعم، والتبرع لهم هو باب من أبواب الخير العظيم، وأجره عند الله عظيم.

قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم:
"المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته" [رواه البخاري].

يمكنك التبرع عبر الروابط التالية الموثوقة:

رابط 1 – رابط 2 – رابط 3 – رابط 4

(اطلع على القائمة الكاملة هنا)



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خالد بن الوليد بن المغيرة من أعظم القادة العسكريين في التاريخ الإسلامي

خالد بن الوليد بن المغيرة هو أحد أعظم القادة العسكريين في تاريخ الإسلام

باينانس Binance و كيف تربح منها بدون رأس مال

نظرية العصبية لإبن خلدون: أسس وعوامل تطور الأمم

صلاح الدين الأيوبي: القائد الذي غيّر مجرى التاريخ

ما هي منصة باينانس (Binance)؟ دليلك الكامل للتسجيل والتداول بأمان

الأضحية في الإسلام: فضلها وأحكامها وأبرز الأخطاء الشائعة

خالد بن الوليد: نسبه ونشأته

دهاء وشجاعة أسد الصحراء عمر المختار

نجم الدين أيوب: السلطان المجاهد الذي مهد لتحرير بيت المقدس