ابن تيمية: شيخ الإسلام الذي واجه البدع ودافع عن العقيدة
ابن تيمية: شيخ الإسلام الذي واجه البدع ودافع عن العقيدة
الفهرس
- 👤 من هو ابن تيمية
- 🛡️ مواقف ابن تيمية في الدفاع عن العقيدة
- ✒️ أولًا: دفاعه بالقلم
- 🗡️ ثانيًا: دفاعه بالسيف
- 📚 مؤلفاته وأثرها في الأمة الإسلامية
- 📖 من أشهر كتبه
- 🌟 تأثير مؤلفاته
- 🔹 الاستقامة عند ابن تيمية
- ✅ طريق أهل السنة: اعتصام بالوحي وفهم السلف
- ❌ مخالفة الفرق الضالة
- 🛡️ الثبات على الاستقامة
- ✅ ابن تيمية وعلم الرياضيات
- ❌ تحذيره من الإفراط في التجريد الرياضي والفلسفي
- ✅ ابن تيمية وفضح البدع في زمانه
- 🔎 من أبرز البدع التي واجهها ابن تيمية
- بدعة الاحتفال بالمولد النبوي
- بدع القبور وبناء الأضرحة
- بدع في الأذكار والعبادات
- بدع في العقيدة: تأويل الصفات وتعطيلها
- 🛡️ موقفه من أهل البدع
- ⛓️ محنه وسجنه وثباته على الحق
- 🏰 مرات سجنه
- 🕯️ موقفه في السجن
- ✅ ابن تيمية والتفسير وعلوم القرآن
- التفسير يؤخذ أولًا من القرآن نفسه
- 📚 أشهر أقواله في التفسير
- 📜 وفاته وإرثه العلمي والروحي
- 📚 إرثه العلمي
- 🕊️ إرثه الروحي والتربوي
- 🕯️ الدرس الخالد
- أقوال العلماء فيه
- 🌿 أدعية وأقوال الإمام ابن تيمية رحمه الله
- 🕊️ من أدعيته
- 💬 من أقواله الخالدة
- 🪔 دروس مستفادة من أدعيته وأقواله
ابن تيمية: شيخ الإسلام الذي واجه البدع ودافع عن العقيدة
👤 من هو ابن تيمية؟
هو أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام النميري الحراني، الشهير بـ "ابن تيمية"، أحد أبرز علماء الإسلام في العصور المتأخرة، وُلد سنة 661 هـ / 1263م في مدينة حران (جنوب تركيا حاليًا)، وانتقل مع أسرته إلى دمشق صغيرًا فرارًا من الغزو التتري.
❖ نشأ في بيت علم وفضل:
فقد كان أبوه فقيهًا وعالمًا، فنشأ ابن تيمية في أجواء علمية مليئة بالكتب والمجالس الشرعية، فتفتّح عقله منذ الصغر على حب العقيدة الصحيحة والبحث عن الحق بالدليل.
❖ نبوغه المبكر:
ظهر ذكاؤه ونبوغه في سن مبكرة؛
📖 حفظ القرآن الكريم كاملًا وهو صغير.
📘 وقرأ كتب الحديث والفقه على كبار العلماء.
📚 درس علومًا متنوعة مثل:
- العقيدة والتفسير والفقه.
- اللغة العربية والنحو.
- الرياضيات والمنطق والفلسفة.
❖ لم يكن مجرد ناقل، بل مجتهد ومُفكر، واجه البدع، ودافع عن منهج أهل السنة، وكتب مؤلفات ضخمة ما زالت منارات علم إلى اليوم.
📚 المصدر:
🔗 سير أعلام النبلاء – الذهبي (ترجمة ابن تيمية)
🛡️ مواقف ابن تيمية في الدفاع عن العقيدة
لم يكن ابن تيمية مجرد عالم يُدرّس العلوم الشرعية في مسجده، بل كان مجاهدًا بالكلمة والحُجّة، وقف في وجه الانحرافات العقدية التي سادت في عصره، وجاهد لإحياء التوحيد الخالص كما جاء في كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، دون تحريف أو تأويل باطل.
❖ من أعظم مواقفه: ردّه القوي على غلاة الصوفية، الذين ابتدعوا في الدين أقوالًا وممارسات تخالف الوحي، كالقول بوحدة الوجود، وادعاء علم الغيب، وتعظيم القبور والتمسح بها. فقام ابن تيمية ببيان ضلالهم وردّهم إلى منهج السلف الصالح، ودعا الناس إلى عبادة الله وحده دون وسيط أو شريك.
❖ تصدّى أيضًا لأهل الكلام من المعتزلة والأشاعرة الذين حرفوا صفات الله، فبيّن خطأهم بأسلوب علمي رصين، وأثبت صفات الله كما جاءت في النصوص من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، وهو المنهج الذي سار عليه الصحابة والتابعون.
❖ ومن أبرز كتبه في هذا الباب:
- درء تعارض العقل والنقل
- الرد على البكري
- بيان تلبيس الجهمية
- التدمرية
- الواسطية
وجميعها تُعدُّ من أعظم المؤلفات في عقيدة أهل السنة والجماعة، وهي تُدرّس في الجامعات الإسلامية حتى يومنا هذا.
❖ كما أن ابن تيمية لم يكتفِ بالردود النظرية، بل كان يناظر المخالفين بنفسه في المجالس العامة، وغالبًا ما كانت تُعقد بإذن السلطان، وكان يحضرها علماء الفرق الأخرى، فيخرج ابن تيمية منتصرًا بالحُجّة والدليل.
❖ وقد تسبب هذا في تعرضه للأذى والسجن مرارًا، لكنه لم يتراجع عن الحق، بل كان يقول:
"ما يفعل أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري، إن حبسوني فخلوة، وإن نفوني فسياحة، وإن قتلوني فشهادة".
📚 رابط مباشر للكتاب:
منهاج السنة النبوية – ابن تيمية (الشاملة)
📌 قال ابن تيمية:
"الشريعة جاءت بكمال الإنسان، وكماله لا يتم إلا بكمال ظاهره وباطنه، فالشريعة تتناول الظاهر والباطن، والحقيقة جزء من الشريعة."
⚔️ دفاعه عن الإسلام بالسيف والقلم
لم يكن الإمام ابن تيمية رحمه الله عالمًا منعزلًا في مكتبته، بل كان من القلائل الذين جمعوا بين العلم والجهاد، وحملوا همّ الأمة في مواجهة الأعداء داخليًا وخارجيًا، بالقلم والسنان معًا، بوعي عميق وتخطيط حكيم.
✒️ أولًا: دفاعه بالقلم
❖ تصدى ابن تيمية بقلمه لكل الهجمات الفكرية التي كانت تُهدد هوية الأمة الإسلامية، ومن أبرزها:
- ردوده على النصارى، وبيان بطلان عقائدهم بالدليل العقلي والنقلي، في كتابه الشهير:
الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح
الذي لا يزال مرجعًا مهمًا في علم مقارنة الأديان حتى اليوم.
-
نقده للمغول الذين زعموا أنهم مسلمون، لكنهم لم يُقيموا شرع الله، فبيّن أن من لم يحكم بما أنزل الله فهو ظالم، بل قد يقع في الكفر إن استحل ذلك، وأوضح أن الإسلام ليس مجرد اسم، بل هو طاعة لله ورسوله.
-
تحذيره من التتار، وبيانه لزيف إسلامهم، وكان هذا من أسباب إغضاب السلطان المغولي منه.
🗡️ ثانيًا: دفاعه بالسيف
❖ شارك الإمام بنفسه في الرباط والجهاد ضد التتار، وكان يحرض الناس على القتال، ويحث الأمراء والعامة على الثبات، وكان له أثر عظيم في رفع الروح المعنوية للأمة.
❖ في معركة شقحب (702هـ)، خرج ابن تيمية بنفسه مع الجيش، وكان يبث فيهم الحمية، حتى قال القائد الشهير بيبرس الجاشنكير:
"كنا إذا ضاقت علينا الأمور في الحرب، نلجأ إلى دعاء ابن تيمية، فينفرج الكرب بإذن الله".
❖ وعندما أسر المغول بعض المسلمين، ذهب ابن تيمية بنفسه إلى قائدهم وطالبه بإطلاق سراحهم، ولم يرضَ أن يُفرَج عن العلماء فقط، بل أصر أن يُطلق جميع الأسرى، مسلمهم ونصرانيهم من أهل الذمة، إيمانًا بعدالة الإسلام.
📚 مؤلفاته وأثرها في الأمة الإسلامية
❖ لا يُمكن الحديث عن الإمام ابن تيمية رحمه الله دون التوقف عند كنزه العلمي الهائل، فقد خلف للأمة تراثًا عظيمًا من المؤلفات التي لا تزال تُدرّس وتُنقل وتُؤثر في أجيال العلماء والمصلحين حتى اليوم.
✒️ تنوع مؤلفاته
أبدع الإمام في كل فنون الشريعة، وكتب في:
- العقيدة والتوحيد
- التفسير وعلوم القرآن
- الحديث وعلومه
- الفقه وأصوله
- السياسة الشرعية
- المنطق والفلسفة
- الرد على الطوائف المخالفة
فكان بحرًا لا يُجارى في سعة علمه وجرأته على قول الحق.
📖 من أشهر كتبه:
-
درء تعارض العقل والنقل
بيّن فيه أن العقل الصريح لا يُخالف النقل الصحيح، وفنّد فيه شبهات الفلاسفة والمتكلمين. -
الفتاوى الكبرى أو "مجموع الفتاوى"
وهو موسوعة ضخمة تحتوي على جواهر علمه وأجوبته في مختلف أبواب الدين. -
منهاج السنة النبوية
ردّ فيه على كتاب "منهاج الكرامة" لابن المطهر الشيعي، وأثبت منهج أهل السنة والجماعة بالأدلة القاطعة. -
الاستقامة
فيه توضيح طريق أهل السنة ومخالفتهم للفرق الضالة. -
الصارم المسلول على شاتم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم
دافع فيه عن جناب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وبيّن حكم من سبه، بأسلوب شرعي محكم.
🌟 تأثير مؤلفاته:
❖ أثّرت كتبه في حركات الإصلاح الإسلامي، خاصة في القرون المتأخرة، وكان لها أثر بالغ على علماء مثل:
- الإمام محمد بن عبد الوهاب
- الشيخ محمد رشيد رضا
- الإمام الشافعي في جوانب منهجه
- والمفكرين المعاصرين الذين اقتبسوا من صراحته وقوة استدلاله.
❖ حتى المخالفين له اعترفوا بعلمه وفضله، وقال فيه الذهبي:
"كان رأسًا في العلم، وجبلًا في الزهد، بحرًا في التفسير، نسيج وحده في الفقه".
🔹 الاستقامة عند ابن تيمية: لزوم الصراط المستقيم ومفارقة أهل البدع
يقول ابن تيمية رحمه الله في كتابه الاستقامة:
"الاستقامة هي سلوك الصراط المستقيم، وهو الدين القويم، من غير تعريج عنه يمنة ولا يسرة. وهي جامعة لجميع الطاعات الظاهرة والباطنة، في أقوال القلب وأعماله، وأقوال الجوارح وأعمالها."
(الاستقامة، 1/75)
فالاستقامة عند ابن تيمية لا تقتصر على الظاهر فقط، بل تشمل:
- صحة الاعتقاد.
- صدق القول.
- صلاح العمل.
- نقاء النية.
✅ طريق أهل السنة: اعتصام بالوحي وفهم السلف
يُبين ابن تيمية أن أهل السنة والجماعة هم أهل الاستقامة الحقيقية، لأنهم:
- يعتمدون على الكتاب والسنة لا على الرأي والهوى.
- يفهمون الدين بفهم الصحابة والتابعين، لا بالأذواق الفلسفية أو الأهواء الصوفية.
- يتوسطون بين الغالي والجافي، فلا غلو في الدين ولا تقصير.
قال ابن تيمية:
"من كان على مذهب أهل السنة والجماعة، سالكًا سبيل السلف، فهو على الاستقامة التي أمر الله بها."
(الاستقامة، 1/164)
❌ مخالفة الفرق الضالة: انحراف عن الصراط المستقيم
أما الفرق الضالة — كالجهمية، والمعتزلة، والخوارج، والرافضة، والمرجئة، والمتصوفة الغالين — فقد خالفت طريق الاستقامة، كما يوضح ابن تيمية:
- تركوا الوحي وركنوا إلى عقولهم.
- أحدثوا في الدين ما ليس منه.
- نصبوا أئمة بدلًا من نصوص الوحي.
- اتهموا الصحابة أو غلوا فيهم.
- فسّروا النصوص تأويلاً منحرفًا.
قال ابن تيمية:
"كل من فارق الكتاب والسنة، وفهم السلف، لا بد أن يقع في البدع والضلال، وينحرف عن الاستقامة."
(الاستقامة، 1/158)
🛡️ الثبات على الاستقامة
يؤكد ابن تيمية أن الاستقامة لا تكون بالاسم فقط، بل بالصدق والثبات في المحنة والفتنة:
"فأهل السنة لا يتلونون مع الأهواء، بل يثبتون على الحق، كما ثبت الصحابة في الفتن، بخلاف أهل البدع، فإنهم يتقلبون بحسب السلطان والهوى."
(الاستقامة، 1/267)
📚 أدلة من القرآن:
-
قال الله تبارك وتعالى:
﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ﴾
[هود: 112]
وهذه الآية كانت من أشد الآيات على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، كما قال:
"شيبتني هود وأخواتها"، لأنها تأمر بالاستقامة المطلقة. -
وقال الله سبحانه وتعالى:
﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾
[فصلت: 30]
أي: ثبتوا على دينه بلا انحراف.
✅ ابن تيمية وعلم الرياضيات: علم نافع إذا وُظِّف في الحق
لم يكن الإمام ابن تيمية رحمه الله ممن يرفض الرياضيات كعلم قائم بذاته، وإنما كان موقفه تمييزًا دقيقًا بين استخدامها في ما ينفع الناس، وبين توظيفها في الفلسفة الإلحادية أو التنجيم أو الباطنية.
وقد تحدث ابن تيمية عن الحساب والهندسة باعتبارهما من العلوم النافعة إذا استُعملتا فيما أذن الله به، مثل المواريث، الزكاة، أوقات الصلاة، والقبلة، وغير ذلك من الأمور العملية.
قال رحمه الله:
"وأما الحساب والهندسة ونحوهما، فهذه مما قد يُحتاج إليه في المعاملات، أو معرفة الوقت، أو المواريث، ونحو ذلك، فهذا في نفسه علم نافع، وقد ينتفع به الناس."
[مجموع الفتاوى، (11/622)]
وقد بيّن أن العلم المحمود هو ما يعين على تحقيق مصالح الدين والدنيا، لا ما يُستخدم للغلو في التجريدات العقلية التي لا ثمرة لها.
❌ تحذيره من الإفراط في التجريد الرياضي والفلسفي
أما ما يتعلق بـ"الرياضيات المجردة" المرتبطة بالمنطق اليوناني أو "الهندسة الفيثاغورية" التي يربطها البعض بالتنجيم أو العقائد الباطلة، فقد انتقدها بشدة، لأنها تُشغل العقل وتُفسده، وتورث الإعجاب بالنفس، وتُبعد عن العلم الشرعي.
قال ابن تيمية:
"ومن ظن أن الرياضيات طريق إلى الله، فهو من أجهل الناس بالله، فإن الله يُعرف بالفطرة، والعقل الصريح، والشرع الصحيح، لا بالرياضيات المُعقّدة."
[الرد على المنطقيين، ص: 130]
كما حذّر من اتخاذ تلك العلوم مدخلًا للفلسفة الوثنية:
"وأما من اشتغل بالرياضيات وجعلها طريقًا إلى المعارف الإلهية، فهذا ضلال بيِّن."
[نقض المنطق، ص: 121]
✅ ابن تيمية وفضح البدع في زمانه: دفاع عن السنة وتصفية الدين
كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من أعظم من جاهدوا في بيان السنة، وهدم البدع والمحدثات، خاصة في زمنٍ انتشرت فيه التصوف المنحرف، والعقائد الكلامية، والممارسات التي لا أصل لها في الشريعة.
وقد كتب وردّ على كثير من الفرق والمذاهب المخالفة، مثل: الجهمية، الأشاعرة، الروافض، الاتحادية، الباطنية، والمبتدعة في العبادات.
🔎 من أبرز البدع التي واجهها ابن تيمية:
1. بدعة التوسل والاستغاثة بالأولياء
كان منتشراً في زمانه أن يُستغاث بالأولياء ويُطلب منهم قضاء الحوائج.
🔹 فردّ عليهم في كتابه "الرد على البكري" وبيّن أن هذا شرك بالله، مستدلًا بقول الله تبارك وتعالى:
﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة: 5]
وقال:
"الاستغاثة بالمخلوقين فيما لا يقدر عليه إلا الله شركٌ أكبر يُنافي التوحيد."
[الرد على البكري، ص: 126]
2. بدعة الاحتفال بالمولد النبوي
رأى أنها ليست من السنة، ولم يفعلها النبي محمد صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة ولا السلف الصالح.
قال رحمه الله:
"لم يفعله السلف، مع قيام المقتضي له، وعدم المانع منه، فلو كان خيرًا لسبقونا إليه."
[اقتضاء الصراط المستقيم، 2/123]
لكنه فرق بين من يحتفل عن محبة صادقة مع جهل، وبين من يفعله مصرًا مبتدعًا، فقال:
"فهذا (الأول) يُثاب على نيته، لا على بدعته."
3. بدع القبور وبناء الأضرحة
كعادة الناس في زمانه: التبرك بالقبور، الطواف بها، إيقاد السرج عليها، والسجود لها.
🔹 فصنف كتابًا بعنوان "الرد على من اتخذ القبور مساجد"، بيّن فيه الأحاديث الصريحة مثل:
"لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد."
[صحيح البخاري: 1330]
وأكد أن ذلك من وسائل الشرك الأكبر، وأن تسوية القبور كما أمر النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو الأصل.
4. بدع في الأذكار والعبادات
مثل تكرار أسماء مفردة (الله، هو، هو) من غير وعي أو خشوع، وهي منتشرة بين بعض المتصوفة.
فقال رحمه الله:
"ليس هذا من ذكر الله المشروع، وإنما هو من بدع الجهال الذين لا يفقهون الذكر."
[مجموع الفتاوى، 10/659]
5. بدع في العقيدة: تأويل الصفات وتعطيلها
كان السائد في زمنه التأويل الأشعري والجهمي لصفات الله تعالى، مثل: "اليد"، "العلو"، "النزول"، وغيرها.
🔹 فواجه هذه الانحرافات في كتبه مثل:
- "الفتوى الحموية الكبرى"
- "العقيدة التدمرية"
- "درء تعارض العقل والنقل"
وقال:
"ليس في العقل الصريح ولا في النقل الصحيح ما يناقض ظاهر النصوص."
وأكد أن مذهب السلف هو:
إثبات ما أثبته الله لنفسه، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل.
🛡️ موقفه من أهل البدع:
ابن تيمية كان شديدًا على المصرّين على البدعة، لكنه رحيم بالجاهلين الذين يقلدون ولا يعلمون.
قال:
"من وقع في بدعة جاهلاً، يُبيّن له الحق، فإن أصر وعاند، استحق وصف البدعة."
⛓️ محنه وسجنه وثباته على الحق
❖ لم يكن طريق الإمام ابن تيمية رحمه الله مفروشًا بالورود، بل تعرض خلال حياته لكثير من الابتلاءات والشدائد بسبب نصره للحق ومحاربته للبدع والانحرافات.
🚫 أسباب المحن
كان الإمام صريحًا لا يُجامل أحدًا في دين الله، فقام بـ:
- فضح البدع المنتشرة في زمانه.
- الرد على الفرق المنحرفة كالجهمية والرافضة والباطنية.
- الإنكار على السلطان والعلماء المقصرين.
- تجديد الدعوة إلى التوحيد الخالص والسنة الصحيحة.
هذه المواقف أغضبت فئات كثيرة، فتآمر عليه بعض القضاة والفقهاء المتعصبين وسعوا في سجنه.
🏰 مرات سجنه
سُجن الإمام عدة مرات في حياته، منها:
- في مصر: بسبب فتواه في الطلاق، حيث خالف المذهب الرسمي.
- في الإسكندرية: حين نشر رسائل في التوحيد.
- في دمشق: حيث كانت آخر سجونه، وقد توفي فيه.
لكن كانت سجونه منابر علم؛ فقد كتب فيها أعظم كتبه، وألّف فيها رسائل عظيمة، وبقي ثابتًا محتسبًا لا يتراجع عن الحق.
🕯️ موقفه في السجن
من أقواله الخالدة:
"ما يفعل أعدائي بي؟! إنّ قتلي شهادة، وإنّ نفْيِي سياحة، وإنّ سجني خلوة!"
وكان يقول في سجنه الأخير:
"لو أنفقت الملوك ما في خزائنها لتذوق من لذّة ما نجده، ما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا."
❖ ثبت في المحن ثبات الجبال، وعلّم الأمة أن العالم الرباني لا يبيع دينه، ولا يخاف في الله لومة لائم.
✅ ابن تيمية والتفسير وعلوم القرآن: رجوعٌ للسلف وفهمٌ عميق للنصوص
كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من أعظم أئمة التفسير في الإسلام، وقد تميز بتأصيل علم التفسير على منهج السلف الصالح، بعيدًا عن التأويلات الكلامية والباطنية التي ظهرت بعد القرون المفضّلة.
وقد صنّف كتابًا فريدًا من نوعه بعنوان "مقدمة في أصول التفسير"، قرر فيه قواعد راسخة لفهم القرآن الكريم، منها:
📌 1. أن التفسير يؤخذ أولًا من القرآن نفسه
قال رحمه الله:
"فإن أعظم ما يُفسَّر به القرآن: القرآن، فما أجمل في مكان، فُسر في موضع آخر."
[مقدمة في أصول التفسير، ص: 5]
مثال: قول الله تبارك وتعالى:
﴿وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ﴾ [التكوير: 17]،
فسّرها ابن عباس بأنه إقبال الليل وإدباره، واستدل بآيات أخرى تؤكد المعنيين معًا.
📌 2. ثم يُفسَّر بالسنة النبوية الصحيحة
قال ابن تيمية:
"فإن السنة تبين القرآن وتفسّره، كما قال تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ﴾ [النحل: 44]."
[مقدمة أصول التفسير]
مثال: أحاديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم في تفسير آيات الزكاة، وأركان الصلاة، والحج، وغير ذلك من التفصيلات العملية.
📌 3. ثم يُرجع فيه إلى تفسير الصحابة، وخاصة ابن عباس
قال:
"وأعلم الناس بالتفسير هم الصحابة، ثم التابعون، لا سيما الذين أخذوه عن الصحابة."
[مقدمة أصول التفسير]
ولهذا كان يرجّح تفسير عبد الله بن عباس رضي الله عنه، ويعده إمام المفسرين، خاصة في الأمور التي تتعلق بعلوم الغيب أو الأمور العقدية.
📌 4. تحذيره من التفسير بالرأي المجرد أو الفلسفة
حذّر ابن تيمية من التفسير الذي يعتمد على الفلسفة والمنطق البعيد عن النص الشرعي، وعدَّه قولًا على الله بغير علم.
قال:
"وأما التفاسير التي فيها ما يخالف الكتاب والسنة، كالتفسير الباطني أو الفلسفي، فباطلة مردودة."
[مجموع الفتاوى، 13/ 361]
📚 أشهر أقواله في التفسير:
- "من فسر القرآن بمجرد رأيه، فذلك من القول على الله بغير علم."
- "أفضل التفسير: ما فُسِّر بالقرآن، أو بالسنة، أو بأقوال الصحابة."
📜 وفاته وإرثه العلمي والروحي
❖ توفي الإمام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية رحمه الله في ليلة الاثنين 20 من ذي القعدة سنة 728هـ، في سجن القلعة بـدمشق، بعد حياة ملأى بالجهاد بالعلم والبيان والصبر والثبات على الحق.
❖ اجتمع الناس من كل مكان للصلاة عليه، حتى قال المؤرخون إن جنازته كانت من أعظم الجنائز في تاريخ الإسلام بعد جنائز الصحابة، حيث شُيّعه مئات الآلاف من الرجال والنساء، صغارًا وكبارًا، وكان الجميع يبكونه ويترحمون عليه.
📚 إرثه العلمي
خلّف الإمام تراثًا ضخمًا ما زال ينير الطريق للمسلمين حتى اليوم، ومن أبرز آثاره:
- مجموع الفتاوى: موسوعة عظيمة تشمل فتاواه في العقيدة والفقه والتفسير وغيرها.
- درء تعارض العقل والنقل: من أعظم كتبه في الرد على الفلاسفة والمتكلمين.
- اقتضاء الصراط المستقيم: في إنكار التشبه بالكفار.
- الصارم المسلول، الاستقامة، منهاج السنة، وغيرها.
❖ كان مبدعًا في التحقيق العلمي، والدقة في نقل النصوص، والجمع بين النصوص الشرعية والفهم العقلي الصحيح.
🕊️ إرثه الروحي والتربوي
لم يكن ابن تيمية مجرد عالم، بل كان مربيًا ومجددًا، ومن أبرز ما تركه للأمة:
- شجاعة العالم في قول الحق دون خوف أو مداهنة.
- الإخلاص الكامل في الدعوة إلى الله تعالى، واحتساب الأذى في سبيله.
- التجرد من حب المناصب والظهور، فقد كان زاهدًا في الدنيا.
- التركيز على التوحيد واتباع السنة، ونبذ كل ما يخالفها من بدع.
❖ قال عنه الإمام الذهبي:
"ووالله ما رأيت أحدًا أسرع منه في استحضار الآيات، ولا أعظم منه في الانقياد لها."
وقال عنه ابن كثير:
"كان من أعظم الناس علمًا وعقلاً وزهدًا وكرمًا وشجاعة وعبادة."
🕯️ الدرس الخالد
رحم الله الإمام ابن تيمية، فقد بقي أثره حيًّا، يجدد في الأمة دينها، ويذكرها بأن العالم لا بد أن يكون:
نقي العقيدة، شجاع الكلمة، صادق النية، لا يبيع دينه بدنيا.
أقوال العلماء فيه
- قال ابن كثير: "ما رأيت مثله، ولا رأى هو مثل نفسه، في العلم والعمل والزهد والشجاعة."
- وقال الذهبي: "كان بحرًا لا يُدرَك قعره."
- وقال ابن دقيق العيد: "ما رأينا مثل ابن تيمية، مع سعة علمه، وزهده، وورعه، وشدة اتباعه."
- وقال ابن حجر العسقلاني: "كانت فتاويه سديدة، وأدلته ظاهرة، وما وقع له من الأمور فلم يكن لقصده سوء، وإنما كانت من اجتهاده."
- وقال السبكي (رغم مخالفته له في بعض المسائل): "واللهِ، ما يبغض ابن تيمية إلا جاهل أو صاحب هوى، فالرجُلُ علمه أكبر من أن يُنكر، وفضله أعظم من أن يُذكر."
- وقال ابن عبد الهادي – أحد تلاميذه –: "ما رأيت أحدًا أعظم اجتهادًا في طلب الحق واتباعه من شيخ الإسلام."
📚 المصدر المباشر لهذه الأقوال:
سير أعلام النبلاء – الإمام الذهبي – الجزء 18
🌿 أدعية وأقوال الإمام ابن تيمية رحمه الله
❖ اشتهر الإمام ابن تيمية رحمه الله بقوة قلبه، وصدق توكله، وحسن ظنه بالله تعالى، فكانت له أدعية وأقوال عظيمة تدل على قوة إيمانه وعمق معرفته بربه. وقد نقل تلاميذه عنه كلمات تكتب بماء الذهب في الصبر، والرضا، والتوكل، ومحبة الله عز وجل.
🕊️ من أدعيته:
🔹 كان كثيرًا ما يكرر هذا الدعاء في الشدائد:
"اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك."
🔹 وكان يدعو كثيرًا بهذا الدعاء:
"اللهم اجعلني ممن إذا أنعمت عليه شكر، وإذا ابتليته صبر، وإذا أذنب استغفر."
🔹 ومن أدعيته المعروفة:
"اللهم اجعل قلبي عامرًا بذكرك، ولساني رطبًا بذكرك، وجوارحي عاملة بطاعتك."
❖ وقد اشتهر في محبسه بدعاء طويل كان يردده عند السَحر، يدعو فيه للمسلمين، ويستغفر لخصومه، ويقول:
"اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون."
💬 من أقواله الخالدة:
🔸 في التوكل والطمأنينة بالله:
"ما يفعل أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري، إن حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة."
🔸 في ذكر الله:
"الذكر للقلب مثل الماء للسمك، فكيف يكون حال السمك إذا فارق الماء؟"
🔸 في الصبر على البلاء:
"المؤمن إذا ابتُلي صبر، وإذا أُعطي شكر، وإذا أذنب استغفر، فهذه علامة السعادة."
🔸 في محبة الله:
"من أحبّ شيئًا غير الله عُذّب به، ومن أحبّ الله هان عليه كل شيء."
🔸 في التوبة والرجوع إلى الله:
"التوبة من أعظم أسباب السعادة، ومن أحسن ظنه بربه تاب وأناب، والله أفرح بتوبة عبده من أحدكم بضالته."
🔸 في فضل القرآن:
"القرآن هو الشفاء الكامل، والنور الهادي، من أعرض عنه فقد حُرِمَ الخير كله."
🪔 دروس مستفادة من أدعيته وأقواله:
- الصلة القوية بالله عز وجل، فقد كانت حياته كلها دعاءً وذكرًا ويقينًا.
- الطمأنينة عند الشدائد، فكان يرى في السجن خلوة، وفي المحنة رفعة.
- حب الخير للمسلمين حتى من خالفوه أو آذوه، وكان يدعو لهم بالهداية والمغفرة.
- الصدق في التوبة والرجوع إلى الله، وأن الله أرحم بعباده مما يتصورون.
📘 أبرز مؤلفات ابن تيمية:
📖 منهاج السنة النبوية – رد على الشيعة.
🔗 قراءة وتحميل📖 درء تعارض العقل والنقل – تفنيد المنطق الفلسفي.
🔗 قراءة وتحميل📖 مجموع الفتاوى (الفتاوى الكبرى) – موسوعة علمية في العقيدة والفقه.
🔗 قراءة وتحميل📖 العبودية – في معنى العبودية الخالصة لله.
🔗 قراءة وتحميل
مصادر ومراجع
- كتاب "البداية والنهاية" لابن كثير.
- موقع الإسلام سؤال وجواب: islamqa.info
- موسوعة ويكيبديا: ابن تيمية - ويكيبيديا
🔗 روابط مباشرة لمؤلفات ابن تيمية:
- 📘 مؤلفات ابن تيمية على مكتبة كتب PDF
- 📘 جميع كتب ابن تيمية على فولة بوك
- 📘 مكتبة نور - كتب ابن تيمية PDF
- 📘 أرشيف الإنترنت (Internet Archive)
🔺ختامًا: تبرّع لأهل غزة وكن سببًا في نجاتهم
قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم:
"المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته" [رواه البخاري].
يمكنك التبرع عبر الروابط التالية الموثوقة:
رابط 1 – رابط 2 – رابط 3 – رابط 4
(اطلع على القائمة الكاملة هنا)
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليقك و أي استفسارات لتعم الفائدة