لسان الدين بن الخطيب: شاعر الأندلس وطبيبها ومؤرخها
لسان الدين بن الخطيب: شاعر الأندلس وطبيبها ومؤرخها
وصف المقال:
تعرف على سيرة أحد أعظم أعلام الحضارة الأندلسية، لسان الدين بن الخطيب، الذي جمع بين الطب، الشعر، الفلسفة، والتاريخ، وخلّد اسمه بأدبه وعلمه ومواقفه في بلاط غرناطة، فكان رمزًا للفكر الموسوعي في الإسلام.
من هو لسان الدين بن الخطيب؟
هو محمد بن عبد الله بن سعيد السلماني الأندلسي، المعروف بـ لسان الدين بن الخطيب، وُلد في لُوشة بالأندلس عام 1313م، وتوفي شهيدًا في فاس عام 1374م.
كان وزيرًا، مؤرخًا، شاعرًا، وطبيبًا، وعُرف ببلاغته وحنكته السياسية. خدم في بلاط بني الأحمر في غرناطة، وكان المستشار الأول للسلطان أبي الحجاج يوسف الأول وابنه محمد الخامس الغني بالله.
مكانته العلمية والأدبية
1. في الطب
- يُعد أول من كتب عن العدوى وانتقال الأمراض، وسبق الأوروبيين في هذا المجال.
- في كتابه "مقنعة السائل عن المرض الهائل" أشار إلى انتقال الطاعون عبر العدوى، لا فقط عن طريق "الهواء الفاسد" كما كان يُعتقد في أوروبا.
2. في الأدب
-
كان شاعرًا فذًا، ومن أبرز شعراء العصر الأندلسي.
-
من أشهر أبياته في وصف حاله:
أودى بيَ السقمُ حتى لم يُبقِّ لي *** صبرًا ولا جلَدًا إن طال بي سَقمي
-
جمع بين رقة الأسلوب وعمق المعنى، وتأثر به شعراء كُثر في المغرب والأندلس.
3. في التاريخ والفكر
- كتب في السياسة والفكر والفلسفة، وكان من دعاة التسامح الديني والتعايش الحضاري.
- مؤلفه "الإحاطة في أخبار غرناطة" يُعد من أهم المصادر التاريخية عن الأندلس.
وفاته المأساوية
اتهمه خصومه بالكفر بسبب آرائه الفلسفية واتهامات سياسية، فنُفي إلى المغرب، وهناك قُتل خنقًا في سجنه بمدينة فاس، ودُفن سرًّا. وقد قال عنه المؤرخون: "قتل العلم بموته في الأندلس".
إرثه الحضاري
- يُعد نموذجًا للعالم الموسوعي، الذي جمع بين الأدب، الطب، والسياسة.
- تُدرس مؤلفاته في عدد من الجامعات الغربية حتى اليوم.
- أثّر في الفكر الإسلامي والأوروبي، خاصة في عصر النهضة.
1. نموذج العالم الموسوعي الذي جمع بين الأدب، الطب، والسياسة
كان لسان الدين ابن الخطيب أحد أبرز علماء الأندلس في القرن الثامن الهجري/الرابع عشر الميلادي. تميز بعقليته الموسوعية، حيث ألّف في الأدب، الفلسفة، التاريخ، الطب، السياسة، والتصوف. تولى منصب وزير الدولة في غرناطة، وبرز في قدرته على الجمع بين الفكر النظري والتطبيق العملي في شؤون الحكم والإدارة، مما جعله من القلائل الذين جمعوا بين الحكمة والسلطة.
المصدر:
موسوعة Britannica - Lisan al-Din Ibn al-Khatib
2. تُدرّس مؤلفاته في عدد من الجامعات الغربية حتى اليوم
من أبرز مؤلفاته:
- الإحاطة في أخبار غرناطة
- روضة التعريف بالحب الشريف
- الكتيبة الكامنة في أعلام المائة الثامنة
نظرًا لغزارة إنتاجه وقيمته الفكرية، لا تزال أعماله تُدرس في جامعات عالمية تهتم بالتراث العربي الإسلامي والأندلسي، خاصة في إسبانيا وفرنسا، كما تُرجمت بعض أعماله إلى اللاتينية.
المصدر:
Oxford Bibliographies - Ibn al-Khatib
3. أثّر في الفكر الإسلامي والأوروبي، خاصة في عصر النهضة
ساهم ابن الخطيب بشكل غير مباشر في النهضة الأوروبية، عبر انتقال التراث الأندلسي الذي كان جزءًا منه إلى أوروبا عن طريق الترجمة والتواصل الثقافي. أفكاره في الطب الوقائي ومفهوم العدوى كانت متقدمة جدًا، وقد أشار إلى انتقال الأمراض بالعدوى في كتابه مقنعة السائل عن المرض الهائل، ما جعله سابقًا لعصره، ومصدر إلهام لاحق لبعض الباحثين الأوروبيين.
المصدر:
World Digital Library – Ibn al-Khatib
روابط المصادر:
- الموسوعة البريطانية – Lisan al-Din Ibn al-Khatib
- الجامعة الإسلامية العالمية – دراسات في تاريخ الأندلس
- مكتبة الكونغرس – مخطوطات ابن الخطيب
1. قصيدة: "جادك الغيث إذا الغيث همى"
تُعد هذه القصيدة من أشهر روائع لسان الدين ابن الخطيب، وقد أصبحت رمزًا للأدب الأندلسي. كتبها شاعرنا تعبيرًا عن الحنين إلى أيام الوصل والازدهار في الأندلس، خاصة في مدينة غرناطة. تمزج الأبيات بين التصوير الشعري الراقي والرمزية العاطفية. يظهر فيها جمال الطبيعة الأندلسية، حيث يشبّه لحظات السعادة الماضية بهطول المطر الذي يُنعش الأرض والروح معًا:
جادك الغيث إذا الغيث همى
يا زمان الوصل بالأندلسلم يكن وصلك إلا حلمًا
في الكرى أو خلسة المختلس
في هذه الأبيات، يتغنى الشاعر بزمن مضى، وكأن اللقاء بالأحبة كان حلمًا عابرًا، لا يدوم طويلاً. تكرس القصيدة شعور الحنين والحسرة على المجد الضائع.
رابط المصدر:
https://www.adab.com/modules.php?name=Sh3er&doWhat=shqas&qid=55633
2. قصيدة: "جاءت معذبتي في غيهب الغسق"
تُمثل هذه القصيدة صورة من صور العشق العفيف، الذي يجمع بين المحبة والإكبار والتقدير. يستحضر الشاعر لحظة ليلية ساحرة تزوره فيها الحبيبة وسط الظلام، في مشهد مليء بالرهبة والدهشة. يصفها بأنها كالكوكب الدري، مضيئة في عتمة الليل:
جاءت معذبتي في غيهب الغسق
كأنها الكوكب الدري في الأفقفقلت نورتني يا خير زائرة
أما خشيت من الحراس في الطرق؟
وفي هذا المشهد، يُظهر الحبيب دهشته من شجاعة المحبوبة، ويعبر عن سروره الغامر برؤيتها رغم المخاطر. الأبيات تصور نقاء العاطفة ورقتها.
رابط المصدر:
https://mawdoo3.com/من_أشعار_لسان_الدين_بن_الخطيب
3. قصيدة: "سكن الحب فؤادي"
في هذه القصيدة، يصور ابن الخطيب الحب كقوة خفية تسكن القلب وتستولي عليه. الأبيات تحمل معاني التسلُّم والانقياد الكامل للحب، مع الإشارة إلى أن لا مفر منه. كما تعكس الصور الشعرية حالة الإنسان العاشق الذي يعاني من سلطان الهوى:
سكن الحب فؤادي وعمر
ونهى الشوق بقلبي وأمروغزت قلبي ألْحاظُ الظِّبا
بظُباها، أين يا قلب المفر؟
تتجلى البلاغة في استخدام "ألْحاظ الظبا" و"ظباها" للدلالة على نظرات الحبيبة التي تصيب القلب كسيوف حادة، في لعبة لغوية بارعة.
رابط المصدر:
https://adabworld.com/شعر-لسان-الدين-بن-الخطيب-سكن-الحب-فؤاد
كلمات مفتاحية:
لسان الدين بن الخطيب — شعراء الأندلس — الطاعون في الأندلس — الأطباء المسلمون — تاريخ غرناطة — الفكر الإسلامي — ابن الخطيب والطاعون — وزراء بني الأحمر — مؤرخو الإسلام — الحضارة الأندلسية — علماء الأندلس.
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليقك و أي استفسارات لتعم الفائدة