هل يجب على الوالدين مساعدة أبنائهم في الزواج؟
دليل شرعي مبسط حول واجب إعفاف الأبناء
في هذا المقال سنجيب على هذا السؤال من خلال النصوص الشرعية وأقوال العلماء الموثوقين.
أولًا: الزواج وسيلة للعفاف
قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم:
"يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغضّ للبصر، وأحصن للفرج"
رواه البخاري ومسلم
يدل الحديث على أن الزواج مطلوب شرعًا للشباب القادرين، وأنه وسيلة لحفظ النفس من الحرام.
ثانيًا: هل الوالد مُلزَم بمساعدة ابنه في الزواج؟
الجواب: نعم، إذا توفر شرطان:
- أن يكون الابن بحاجة إلى الزواج (خشية الفتنة أو الوقوع في الحرام).
- أن يكون غير قادر على تكاليفه.
في هذه الحالة، يجب على الأب – إذا كان قادرًا ماديًا – أن يعينه على الزواج.
ثالثًا: أقوال العلماء في وجوب التزويج
-
ابن قدامة – رحمه الله – قال في المغني:
"ويجب على الأب إعفاف ولده إذا استطاع، كما يجب عليه أن يزوجه إذا احتاج إلى النكاح، وكان عاجزًا عن مؤنته."
-
ابن تيمية – رحمه الله – قال:
"ويجب على الوالد أن يزوج ولده إذا طلب ذلك، وكان محتاجًا، ولا يمكنه الزواج إلا بمعونة أبيه."
-
الإمام النووي – رحمه الله – قال:
"إذا كان الابن محتاجًا للنكاح، وعجز عنه، فعلى الأب إعانته ما دام قادرًا."
رابعًا: من البر أن يعين الوالد ابنه على العفاف
مساعدة الوالدين لأبنائهم في الزواج ليست فقط واجبًا عند الحاجة، بل هي من أعظم أبواب البر والإحسان، وهي سبب لرضا الله.
قال الله تبارك وتعالى:
"وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله"
(النور: 32)
تزويج الابن في الإسلام
يُعتبر تزويج الابن من أعظم القربات التي يُثاب عليها الوالدان، لما فيه من حفظ للعرض، وصيانة للأخلاق، وإعفاف للولد.
فقد قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم:
"ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف" [رواه الترمذي].
فإذا بلغ الابن مبلغ الرجال وكان قادرًا على تحمل المسؤولية،وجب على وليّه أن يعينه على الزواج إن لم يكن قادرًا عليه بنفسه.
ويسهم تزويج الابن في بناء أسرة جديدة مستقرة، ويقلل من الفتن والانحرافات التي قد يتعرض لها الشباب في زمن كثرت فيه المغريات.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
"زوجوا أبناءكم إذا بلغوا، فإنهم اليوم في الناس كما أنتم كنتم في الناس".خامسًا: فوائد إعفاف الأبناء
1. حفظ الأبناء من الحرام والفتن:
إعفاف الأبناء من أهم واجبات الوالدين في الإسلام حماية الأبناء من الحرام، سواء في العقيدة أو الأخلاق أو السلوك. يشمل ذلك تحصينهم من الفتن المنتشرة في وسائل الإعلام والمجتمع، وتعليمهم التمييز بين الحلال والحرام. قال الله تبارك وتعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا" [التحريم: 6].
فالوقاية تعني التربية والتوجيه والتعليم، والحرص على متابعة الأبناء ومصاحبتهم.
2. تقوية العلاقة بين الآباء والأبناء:
العلاقة القوية بين الآباء والأبناء تُعدّ أساسًا في التربية الناجحة. فالتفاهم، والاحترام، والحوار المفتوح، يعزز الثقة ويجعل الأبناء أكثر استجابة للنصح والإرشاد.قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم:
"كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته" [رواه البخاري ومسلم].
ومن الرعاية: أن يشعر الأبناء بأن آباءهم قريبون منهم في كل المواقف.
3. نيل الأجر والثواب العظيم من الله:
تربية الأبناء تربية إسلامية صحيحة فيها أجر عظيم. فكل عمل يبذله الوالد في سبيل تربية ولده يُكتب له في ميزان حسناته.قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم:
"إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث..." وذكر منها: "ولد صالح يدعو له" [رواه مسلم].
فصلاح الأبناء من أعظم ما يخلّف المرء بعد موته.
4. تكوين أسر مسلمة مستقرة:
عندما يتربى الأبناء على الإسلام وتقوم العلاقة بين أفراد الأسرة على المحبة والاحترام، فإن الأسرة تصبح مستقرة ومتينة. وهذا الاستقرار ينعكس على المجتمع بأكمله.قال تعالى:
"وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ" [الفرقان: 74].
فالأسرة المسلمة المتماسكة هي نواة المجتمع الصالح.
الوالدان مسؤولان أمام الله عن رعاية أبنائهم في كل ما يحتاجون، ومن أهم هذه الحاجات: الزواج عند الحاجة إليه وعدم القدرة على نفقاته. فليحرص كل والد ووالدة على هذا الباب العظيم، فهو عون على الطهارة، ووقاية من الشر، وسبب للبركة في الدنيا والآخرة.
روابط مصادر موثوقة:
نماذج من الصحابة في إعفاف الأبناء والشباب
1. عمر بن الخطاب رضي الله عنه
كان من أحرص الناس على تزويج أبنائه وبناته بما يحقق لهم العفاف والدين.
- زوّج ابنته حفصة رضي الله عنها بعد وفاة زوجها من النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حرصًا على دينها واستقرارها.
- وكان يقول:
"ما أعطى والد ولدَه أفضل من أدب حسن، أو زوّجه امرأة صالحة."
وهذا يدل على أن الزواج من أهم ما يُقدَّم للأبناء بعد التربية.
2. عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
قال لأصحابه:
"لو لم يبق من أجلي إلا عشرة أيام، وأعلم أني أموت في آخرهن، ولي طول النكاح، لتزوجت؛ كراهية أن ألقى الله عز وجل عزبًا."
وهذا يدل على مدى اهتمام الصحابة بأمر الزواج، حتى في أيامهم الأخيرة.
ومن المعلوم أن ابن مسعود كان يُعلِّم طلابه وأبناءه فضل الزواج، ويحثهم على التبكير فيه.
3. عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه
لما آخى النبي محمد صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع، عرض عليه سعد نصف ماله وزوجته إن أراد أن يطلقها ليتزوجها، فقال عبد الرحمن:
"بارك الله لك في مالك وأهلك، دلني على السوق."
ثم تاجر حتى أغناه الله، وزوّج نفسه.
لكن الشاهد هنا أن الصحابة كانوا يقدّمون الزواج للشباب في أولوياتهم، ويعرضون المساعدة حتى من أموالهم الخاصة.
4. عثمان بن عفان رضي الله عنه
أكرمه النبي محمد صلى الله عليه وسلم بزواج اثنتين من بناته – الواحدة تلو الأخرى بعد وفاتها – وهما:
رقيّة ثم أم كلثوم رضي الله عنهما.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على تزويج بناته من الصحابة الصالحين، ولم يحتجزهن عنده.
وهذا دليل على أهمية تزويج الأب بناته إلى أهل الصلاح.
5. سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه
كان حريصًا على تزويج أبنائه وبناته ممن يحفظ دينهم، ويؤمّن عفافهم.
وكان يقول:
"النكاح حصنٌ من الشيطان، فمن استطاع الباءة فليتزوّج، أو فليعفّ نفسه."
خلاصة
كان الصحابة الكرام يرون الزواج من أهم الوسائل لحماية النفس والدين، فكانوا يزوّجون أبناءهم، ويعينون الشباب، ويحثّون على العفاف، وقد جعلوه من أولى أعمال البر والرعاية.
انشر الخير
شارك هذا المقال مع من تحب، فربما تكون سببًا في زواج شاب أو إعفاف مسلم.
ولا تنس دعم أهلنا في غزة بالدعاء والمال، وهذا أحد روابط التبرع الموثوقة:
رابط التبرع لأهل غزة عبر هيئة الإغاثة الإسلامية
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليقك و أي استفسارات لتعم الفائدة