دليل المسلم في زمن الظلم: مواقف شرعية وخطوات إصلاحية

✅ 1. تصحيح العقيدة والولاء

لا يمكن أن تُبنى أمة حرة وقوية وهي تُوالي أعداء الله أو ترضى بحكم لا يقوم على شريعة الله تعالى. أصل القوة والحرية في الأمة يكمن في تصحيح العقيدة وبيان الولاء الحقيقي، وهو الولاء لله رب العالمين، ولرسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وللمؤمنين الصادقين الذين يلتزمون بدين الله.

إنّ الولاء الصحيح هو أن يكون القلب واليد واللسان منصبّين على طاعة الله وحكمه، ورفض كل حكم لا يستند إلى الكتاب والسنة، لأن حكم غير الله يعني الظلم والفساد، وقد حذر الله تبارك وتعالى من ذلك في كتابه العزيز بقوله:
﴿ وَمَن لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [المائدة: 45].

ويأتي هذا التصحيح العقيدي أيضًا مترافقًا مع واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما أمر النبي محمد صلى الله عليه وسلم بقوله:
"من رأى منكم منكرًا فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" [رواه مسلم]، مما يؤكد أن الدفاع عن الحق واجب لا يتجزأ عن العقيدة الصحيحة.

فبداية إصلاح الأمة تكون بتعليم الناس هذا الولاء الصادق لله ورسوله، ورفض كل حكم يُخالف شريعته، فهذه هي الخطوة الأولى نحو بناء مجتمع قوي يقف في وجه الطغيان والفساد.

📌 نقاط مهمة في تصحيح العقيدة والولاء:

  • الوعي بأن الولاء الحقيقي لله ورسوله هو أساس الحرية.
  • رفض الطاعة لما يخالف حكم الله والتمسك بالشريعة.
  • العمل على أمر بالمعروف ونهي عن المنكر بكل الوسائل المشروعة.
  • التربية المستمرة على أن الحكم بما أنزل الله فريضة لا تقبل النقاش.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
"صلاح الدين في صلاح العقيدة، وفساد الدين في فساد العقيدة."

فهرس 

✅ 2. بناء الوعي الشعبي

إن بناء الوعي الشعبي هو أحد الدعائم الأساسية لبقاء الأمة وحريتها، فلا تستقيم دولة ولا مجتمع إلا إذا أدرك الناس أهمية الشريعة وخطورة الحكم بما يخالفها. لذلك يجب توعية الناس باستمرار، عبر الخطب والدروس الدينية، والمقالات التوعوية، ووسائل التواصل الاجتماعي، بحيث يكون لديهم فهم راسخ بأن حكم الله هو الحق الذي لا يُبدل.

الجهل هو أخطر أداة في يد الطغاة والمستبدين، إذ به يُخدر الشعوب ويُهدأ ثورتها، لذلك فإن نشر العلم والمعرفة الشرعية والتربية على قيم الإسلام الحقة هي سلاح المقاومة الأهم.

قال الإمام ابن تيمية رحمه الله:
"الحكم بغير ما أنزل الله معصية عظيمة توجب إنكارًا عامًا لا يسقط إلا بزوالها."
وهذا يوضح أن رفض الحكم بغير شرع الله واجب شرعي وعام، ولا يصح السكوت عليه أو التهاون.

📌 طرق بناء الوعي الشعبي:

  • تنظيم حلقات علمية ودروس توعوية في المساجد والمراكز الإسلامية.
  • إعداد ونشر مقالات وفيديوهات تشرح أهمية الشريعة وحكم الله.
  • استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الوعي والحقائق.
  • تشجيع الحوار البناء مع الناس بأسلوب حكيم ورفق.
  • تحذير الناس من مخاطر الجهل وتأثيره في ضياع الحقوق.

قال الله تبارك وتعالى:
﴿ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [طه: 114]،
فطلب العلم طريق النصر والحرية.


✅ 3. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أسمى الواجبات التي يجب على العلماء والدعاة والناصحين الالتزام بها، خصوصًا تجاه الحاكم إذا انحرف عن الحق أو عاند أو تمادى في الظلم. هذا الواجب لا يكون إلا بحكمة ورفق، وبما لا يؤدي إلى فتنة أو ضرر أكبر قد ينعكس سلبًا على المجتمع.

إن مناصحة الحاكم وبيان الخطأ علنًا بشجاعة وصدق هو من أعظم صور الجهاد، لما فيه من حفظ لدين الأمة وحق الناس. وقد أمرنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم بهذا المعنى بقوله:
"أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر" [رواه أحمد]، فهذا دليل واضح على فضل مواجهة الظلم بالحكمة والعدل.

لكن يجب الحرص على أن تكون المناصحة بما يحقق الإصلاح دون تعريض المجتمع لمخاطر أو انقسامات، فلا يكون ذلك مدعاة للفتنة، بل سبيلًا لتصحيح الأمور وإعادة الحق لأصحابه.

📌 شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في هذا السياق:

  • النية الصادقة لخدمة الدين والمجتمع.
  • التزام الحكمة والرفق في الكلام والأسلوب.
  • مراعاة حفظ الأمن والاستقرار وعدم التسبب في فتنة.
  • الثبات والصبر على الأذى مع الدعاء لله بالنصر والتأييد.

قال الإمام النووي رحمه الله:
"الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ركن عظيم في دين الله لا يقوم الدين إلا به."


✅ 4. الإصلاح المجتمعي الشامل

الإصلاح المجتمعي الشامل يبدأ من كل فرد في موقعه، فلا يُنتظر أن يقوم به الآخرون وحدهم، بل كل شخص مسؤول عن إصلاح ما يستطيع ضمن نطاق حياته وأدواره اليومية. فالإصلاح الحقيقي يمر عبر خطوات صغيرة ومتتابعة تتجمع لتشكل مجتمعًا قويًا صادقًا في تبنيه لقيم الحق والعدل.

  • الأب في بيته: عليه أن يربي أبنائه على الدين القويم، ويغرس فيهم قيم الصبر، والعدل، ومحبة الله، والالتزام بشريعته، ليكونوا نواة صالحة تحمل راية الإصلاح في المستقبل.
  • المعلم في فصله: مسؤول عن تعليم طلابه العلم النافع، وغرس القيم الإسلامية والأخلاقية، وتأهيل جيل واعٍ يدرك أهمية الشريعة والحكم الرشيد.
  • التاجر في ماله: يتقي الله في تجارته، لا يغش ولا يظلم، ويستخدم ماله فيما ينفع المجتمع، ولا يدعم الظلم أو الطغيان.

بهذا التكاتف من الجميع في مواقعهم، تتكون نواة مجتمع صالح متماسك، يكون له تأثير داخلي قوي يدعو إلى تغيير الحكم الظالم ورفض كل ما يخالف شرع الله، عبر العمل الجماعي والوعي الديني.

الإصلاح لا يكون مجرد كلام، بل أفعال مستمرة تعكس الالتزام الحقيقي، فكل إصلاح فردي يعزز البناء الشامل للأمة.

📌 مبادئ الإصلاح المجتمعي:

  • الالتزام بدور الفرد ومسؤوليته في محيطه.
  • غرس القيم الإسلامية في البيت والمدرسة والعمل.
  • العمل بتقوى الله في كل معاملات الحياة.
  • تشجيع التعاون والتكاتف بين أفراد المجتمع.
  • الدعوة إلى الشرع بالحكمة والموعظة الحسنة.

قال الله تبارك وتعالى:
﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾ [آل عمران: 110].


✅ 5. دعم العلماء والدعاة الصادقين

في واقع الكثير من المجتمعات التي تعاني من ظلم الطغاة، نجد أن الحكام المستبدين غالبًا ما يقصون العلماء الربانيين الصادقين الذين يدعون إلى تحكيم شرع الله، ويرفضون الظلم والطغيان. في المقابل، يُقربون مناصريهم من علماء السلاطين الذين يبررون لهم أخطائهم ويساندون سياساتهم، مما يضعف صمود الأمة ويعمّق أزمتها.

لذلك، من الضروري أن يكون دعم العلماء والدعاة الصادقين الذين يلتزمون بالحق، ويصبرون على الأذى والمحن، أولوية للمجتمع المسلم. هذا الدعم يكون مادياً ومعنوياً، عن طريق توفير سبل الاستقرار لهم، ونشر علمهم، والدفاع عنهم أمام حملات التشويه والظلم.

العلماء الحقيقيون هم شعلة الهداية والنور في زمن الظلام، وهم الذين يحمون الناس من الانزلاق في الجهل والطغيان، لذا لا بد من تعزيز مكانتهم وتثبيتهم في قلوب الناس.

📌 أهمية دعم العلماء والدعاة الصادقين:

  • حفظ دين الأمة وسلامة المجتمع.
  • تقوية موقف الحق أمام الباطل.
  • تمكين الخطاب الشرعي المستقل.
  • بناء جيل واعٍ ومثقف بالقيم الإسلامية.
  • الصبر على المحن والمضايقات بثقة واطمئنان.

قال الإمام ابن تيمية رحمه الله:
"العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورّثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر."


✅ 6. نبذ الطغاة وعدم الاعتراف بشرعيتهم

من أهم عوامل سقوط الطغاة وزوال حكمهم هو رفض الشعب والمجتمع الاعتراف بشرعيتهم أو التطبيل لهم بأي شكل من الأشكال. إن مدح الظالمين أو المشاركة في تبرير ظلمهم وتجاوزاتهم يُعد مساعدة لهم على الاستمرار في طغيانهم، ويُضعف موقف الحق أمام الباطل.

لذلك، يجب أن يكون هناك موقف واضح وحازم من كل مسلم ومن كل مؤمن يتبع منهج الحق، يتمثل في فضح خيانة الطغاة وظلمهم على المستوى الشرعي والشعبي والإعلامي. هذا الرفض والفضح يساهمان في كشف زيفهم وهشاشة حكمهم، ويشكلان عامل ضغط قوي يدفع نحو التغيير.

قال الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم:
"وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ" [هود: 113]،
مؤكدًا على ضرورة عدم التواطؤ أو الميل إلى الظالمين، لما في ذلك من خطر عظيم على الدين والدنيا.

📌 خطوات نبذ الطغاة وعدم الاعتراف بشرعيتهم:

  • الامتناع عن مدحهم أو تمجيدهم بأي وسيلة.
  • رفض المشاركة في مؤسساتهم أو دعم سياساتهم.
  • فضح ممارساتهم الظالمة عبر التوعية الإعلامية والدعوية.
  • تحذير الناس من التواطؤ معهم بأي شكل.
  • دعم جهود الإصلاح والمقاومة التي تهدف لإزالة الظلم.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
"السكوت عن الظلم من أسباب استمراره وزيادته، والرفض والإنكار من أسباب سقوط الظالمين."


✅ 7. المطالبة بتحكيم الشريعة بشكل علني وسلمي

تحكيم الشريعة هو حق أصيل لكل مسلم، وطريق لا محيد عنه لتحقيق العدل والحق في المجتمع. ولأن التغيير لا يأتي من الصمت أو الخنوع، يجب تكثيف المطالبات الشعبية الموجهة نحو تطبيق شرع الله في كل مناحي الحياة، بطريقة علنية ومنظمة.

إن إقامة حملات سلمية منظمة للمطالبة بتحكيم الشريعة تُشكل قوة ضاغطة على الأنظمة الحاكمة، وتُحرجها أمام شعوبها وأمام المجتمع الدولي، مما يزيد من فرص الإصلاح والتغيير. كما أنها تعكس وعي الشعب وإصراره على العيش تحت ظل نظام شرعي عادل.

المطالبة السلمية تحافظ على استقرار المجتمع، وتحمي حقوق المواطنين، وتمنع انزلاق الأمور نحو الفوضى أو العنف، لذلك يجب أن تُنظم بأسلوب حكيم مدروس يتجنب الفتنة ويعزز وحدة الصف.

📌 مبادئ وأسس المطالبة السلمية بتحكيم الشريعة:

  • وضوح الهدف وتركيزه على تطبيق الشريعة كاملة.
  • تنظيم الحملات بشكل قانوني وسلمي.
  • استخدام وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي بفعالية.
  • تحري الحكمة واللباقة في الخطاب والمطالبة.
  • بناء تحالفات مع قوى اجتماعية متنوعة تدعم المشروع الشرعي.
  • الصبر والثبات على المبدأ وعدم التراجع.

قال الله تبارك وتعالى:
﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [البقرة: 190]،
مع التأكيد على أن الكفاح لا يعني العنف أو الاعتداء، بل الدفاع عن الحق بوسائل مشروعة.


✅ 8. التحرك الجماعي الممنهج إن أمِن الفتنة

في حالة وجود فرصة للخروج السلمي على الحاكم الظالم، دون أن يترتب على ذلك سفك دماء أو وقوع فساد أكبر في المجتمع، ويكون ذلك بمشاركة العلماء الثقات والناصحين، فإن هذا التحرك الجماعي المنظم جائز شرعًا ومطلوب للدفاع عن الحق وإعادة الحكم الشرعي.

التحرك الجماعي الممنهج يهدف إلى تحقيق إصلاح شامل مدروس، بعيدًا عن العشوائية والفتنة التي تفرق الصفوف وتؤدي إلى خراب المجتمع. ولذلك، يجب أن يكون التحرك متفقًا عليه شرعًا، ومنضبطًا بقواعد الشرع، ويخضع لنصح العلماء الربانيين.

أما الخروج المسلح ضد الحاكم، فهو أمر لا يجوز إلا بشروط صارمة حددها العلماء المجتهدون، مثل أن يكون ذلك لمنع فتنة أعظم، أو لرد المعتدي بعد استنفاد كل الوسائل السلمية، مع وجود قيادة شرعية واضحة والتزام صارم بأحكام الشريعة.

📌 ضوابط التحرك الجماعي الممنهج:

  • التأكد من عدم وقوع فتنة أو فساد أكبر.
  • مشاركة العلماء الثقات في الإعداد والتوجيه.
  • التنسيق والتنظيم لضمان وحدة الصف والهدف.
  • استخدام الوسائل السلمية والابتعاد عن العنف ما أمكن.
  • تحري الحكمة والصبر وعدم الاستعجال.
  • الاستعداد لتحمل تبعات العمل مع الدعاء والتوكل على الله.

قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم:
"من خرج منكم في طلب الحق مرجوًا به رضى الله، ثم قتل أو مات، فهو شهيد" (رواه مسلم)،
مع ضرورة التأكد من أن العمل في سبيل الحق وسلامة الأمة.



🌐 روابط ومراجع موثوقة:


🔸1. التقية الشرعية عند الضرورة

التقية هي حفظ النفس والدين عند التعرض للاضطهاد أو الخوف من بطش الظالمين، وهي أمر جائز شرعًا في حالات الضرورة، خاصة إذا كان الإنسان يخشى على حياته أو عرضه أو ماله من ظلم شديد قد يؤدي إلى الهلاك أو الضرر الكبير.

في هذه الحالة، يجوز للمؤمن أن يكتم معتقده أو رأيه مؤقتًا في الظاهر، مع بقائه ثابتًا على الحق والعمل به في السر، دون أن يتخلى عن دينه أو يقبل الباطل. هذا التكتم ليس تراجعًا عن الإيمان، بل هو حفظ للنفس والمقدرة على الاستمرار في الدعوة والعمل للحق بأمان وحكمة.

الدليل على ذلك قول الله تبارك وتعالى:
"إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ" [النحل: 106]،
في إشارة إلى أن من اضطر للكفر ظاهريًا خوفًا على حياته، مع ثبات إيمانه في القلب، فلا إثم عليه.

📌 ضوابط التقية الشرعية:

  • أن تكون في حالات الضرورة القصوى والاضطرار الحقيقي.
  • عدم التخلي عن المبادئ الشرعية والتمسك بالحق في السر.
  • التقيد بعدم نشر الباطل أو المشاركة في ظلم الآخرين.
  • التحلي بالصبر والثبات على الإيمان.
  • استغلال التقية للحفاظ على القدرة على الدعوة والعمل للحق في المستقبل.

قال الإمام النووي رحمه الله:
"التقية في الدين جائزة إذا خشي الإنسان على نفسه من الاضطهاد، ولا يخل بالإيمان ولا يبدل العقيدة."


🔸2. تجنب موالاة الظالمين أو معاونتهم

الظلم لا يقتصر فقط على من يمارسه مباشرة، بل يشمل أيضًا من يعاونه أو يواليه أو يبرر أفعاله، لأن ذلك يجعلهم شركاء في الظلم ويشاركونه في الذنب والعقاب.

مساعدة الظالم أو الوقوف إلى جانبه بأي صورة من الصور - سواء بالقول أو الفعل أو السكوت عن باطله - يُعد مشاركة في جريمة الظلم، ويُحاسب عليها شرعًا. لذلك، يجب على كل مسلم أن يحذر من موالاة الظالمين أو تقديم أي نوع من المساعدة لهم، وأن يظل ثابتًا في رفض الظلم ومناصرة الحق.

هذا الموقف يعزز من قوة المجتمع ويقلل من نفوذ الظالمين، ويشجع على إقامة العدل وتحكيم الشريعة.

قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم:
"من أعان ظالما ليدحض بباطله حقًا فقد برئت منه ذمة الله" (رواه ابن ماجه)،
أي أن الله لا يعتد بمن يعين الظالم على باطله، ولا يقبل منه أي عمل صالح.

📌 ضوابط الابتعاد عن موالاة الظالمين:

  • رفض التعاون مع الظالمين في أي عمل يُستخدم للظلم أو الاستبداد.
  • عدم السكوت على الظلم أو التهاون في مواجهته.
  • نصح الآخرين بالبعد عن التبعية للظلم.
  • التعاون مع العلماء والدعاة الصادقين الذين يدعون للعدل والحق.
  • تقوية الوعي الشرعي بأهمية مقاطعة الظلم وأهله.

🔸3. لزوم الصبر والبعد عن التصادم العشوائي

الصدام العشوائي مع السلطة أو الحاكم الظالم دون تخطيط ودراسة دقيقة يؤدي غالبًا إلى الفوضى وانتشار العنف، مما يسقط المجتمع في دوامة من سفك الدماء والخراب. مثل هذه الفوضى يُستغلها الطغاة دائمًا كذريعة لتعزيز قبضتهم الأمنية وتشديد القمع على الناس، ويزداد الظلم بسببها.

لذلك شرع الله الصبر وأمر به حتى تتوفر الظروف المناسبة والضوابط الشرعية للتحرك، بحيث يكون الإصلاح منظمًا ومدروسًا بعيدًا عن الانفعالات والعشوائية، ليتمكن الناس من الحفاظ على أرواحهم وأمنهم، وفي الوقت نفسه الاستعداد للمرحلة التي تحقق فيها العدالة والحرية.

الدليل على ذلك قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم:
"تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك" (رواه مسلم)،
ويُفهم هذا الحديث في إطار الضوابط الشرعية التي تمنع الفتنة والدمار، وليس تبريرًا للسكوت المطلق على الظلم والفساد.

📌 نقاط مهمة:

  • الصبر هو استراتيجية للحفاظ على النفس والوطن.
  • العمل على تقوية الوعي الداخلي والروح المعنوية.
  • الاستعداد التنظيمي قبل التحرك الفعلي.
  • التمييز بين السكوت الاستراتيجي وعدم المهادنة مع الظلم.
  • دعاء الله والثقة بنصره في الوقت المناسب.

🔸4. نشر العلم والحق بالحكمة

الطغاة لا يخشون الجهل بحد ذاته، بل يخشون الوعي والمعرفة التي تفضح ظلمهم وتكشف زيف مواقفهم. لذلك، من أهم وسائل المقاومة والتغيير هو نشر العلم الشرعي والحق بطريقة حكيمة وذكية.

ينبغي للمؤمنين والدعاة أن يستخدموا أساليب لينة في تبليغ الحق، مثل الحكمة والموعظة الحسنة، وعدم المواجهة المباشرة التي قد تجلب الأذى أو تزيد القمع. فالكلمة الطيبة، والموعظة اللطيفة، والبيان البسيط غالبًا ما تكون أكثر تأثيرًا في توعية الناس وتثبيت إيمانهم، مما يُضعف سلطة الطغاة ويُعزز قوة المجتمع الداخلي.

📌 نقاط مهمة:

  • تقديم العلم بطريقة مبسطة وسهلة الفهم.
  • استخدام القصص التاريخية والأمثلة التي تقرب المعاني.
  • تجنب الأسلوب الهجومي أو الاستفزازي المباشر.
  • استغلال وسائل التواصل المختلفة لنشر الوعي.
  • الصبر على ردود الأفعال السلبية والثبات على الحق.

قال الله تبارك وتعالى:
"ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ" (النحل: 125)


🔸5. تجنب موالاة الظالمين أو معاونتهم

إن موالاة الظالمين أو التعاون معهم في أفعالهم الجائرة يُعد مشاركة في ظلمهم، ويقع على من يفعل ذلك جزء من المسؤولية الشرعية. فالمؤمن الحق لا يجوز له أن يكون عونًا للظالمين أو أن يسهل لهم تنفيذ ظلمهم، بل عليه أن يبتعد عن كل ما يعينهم على الاستمرار في طغيانهم وجورهم.

المؤازرة للظالمين قد تكون بأشكال متعددة؛ منها الدعم المباشر، أو السكوت عن الظلم، أو نشر الفتنة، أو مساعدة الظالمين في إخفاء فسادهم. وكل ذلك يوجب اللوم والعقاب في الدنيا والآخرة، ويزيد من أعباء المسؤولية على صاحبها.

قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم في تحذير واضح:
"من أعان ظالما ليدحض بباطله حقًا فقد برئت منه ذمة الله" (رواه ابن ماجه)،
أي أن الله يبرئ نفسه ممن يساعد الظالم على الباطل، ويحاسب العبد على ما فعله من مؤازرة للظلم.

📌 نصائح للابتعاد عن موالاة الظالمين:

  • التزام الصدق والحق في القول والعمل مهما كانت الظروف.
  • رفض المشاركة أو الدعم بأي شكل من الأشكال للظالمين.
  • توعية الناس بخطر التواطؤ مع الطغاة.
  • الوقوف إلى جانب المظلومين والمطالبين بالعدل.
  • طلب النصيحة والمشورة من العلماء الربانيين في المواقف الصعبة.

قال الله تبارك وتعالى:
"وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ" [الحشر: 19]،
في تحذير من الغفلة التي تؤدي إلى الوقوع في المعاصي ومنها التعاون مع الظلم.



سؤال : كيف يفرق المسلم بين العلماء الثقات والعلماء المتواطئين مع الظلمة؟

✅ 1. وضوح مواقفهم من الظلم والطغيان

العالم الثقة لا يجامل الظالمين ولا يتردد في إنكار المنكر بالأسلوب الحكيم واللطيف، فهو يلتزم بالحق ويقف في وجه الظلم بكل وضوح، مستندًا إلى شرع الله، لا يخشى في الله لومة لائم. هذا الوضوح في المواقف هو من صفات العلماء الصادقين الذين يكونون قدوة في مقاومة الطغيان والفساد.

قال الله تبارك وتعالى:
﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [البقرة: 190]، فالدين يحث على الوقوف في وجه الظلم وعدم السكوت عنه.

في المقابل، المتواطئ يسكت عن الفساد أو يُبرره بتأويلات غير صحيحة، وبهذا يكون متواطئًا مع الطغاة، وربما يمنع الناس من التعبير عن مظالمهم، مما يُضعف موقف الحق ويُعمّق الظلم.

مثال عملي:
هل يمكن لعالم ثقة أن يبرر الاعتقالات الجائرة أو أن يمنع الناس من مجرد الشكوى من الظلم؟ قطعًا لا، لأن ذلك يتنافى مع الأمانة التي يحملها والعقيدة التي يؤمن بها. بل الواجب عليه نصح الناس بالصبر والدعاء وطلب الإصلاح بكل الطرق المشروعة، وعدم السكوت عن الحق.

📌 خصائص موقف العالم الثقة من الظلم:

  • الإنكار الحكيم للمنكر دون غلو أو تقصير.
  • التشجيع على مقاومة الظلم بالوسائل الشرعية.
  • عدم السكوت أو التواطؤ مع الظالمين.
  • توعية الناس بخطورة السكوت على الفساد.

قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم:
"من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" [رواه مسلم].

وكذلك قال الإمام أحمد رحمه الله:
"من سلم لله سلم من كل شيء."


✅ 2. استقلالهم المالي والفكري

العالم الثقة والمخلص لدينه ومجتمعه يتميز باستقلاله المالي والفكري، فهو لا يتكئ على السلطان أو الحاكم للحصول على رزقه أو مكانته. استقلاله هذا يعزز نزاهته وحياديته، ويجعله قادرًا على إعلاء الحق دون خوف من ضغوط السلطة أو الإغراءات.

قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم:
"مَن أَعانَ عَلَى ظُلْمٍ لَمْ يَكُنْ مِنَّا" [رواه الترمذي]، وهذا يشير إلى أن مَن يستمد قوته ومكانته من الظالمين يكون شريكًا لهم في الظلم.

في المقابل، المتواطئ يعتمد على قربه من الحاكم أو المناصب ليحصل على النفوذ والمنافع، وهذا يضع قيودًا على حريته في التعبير عن الحق، وقد يدفعه للتنازل عن مبادئه والتواطؤ مع الباطل.

📌 علامات استقلال العالم الثقة:

  • لا ينتظر أو يعتمد على دعم الحاكم مادياً أو معنوياً.
  • يحافظ على آرائه ومبادئه حتى في مواجهة الضغوط.
  • يسعى لكسب رزقه بطرق مشروعة بعيدة عن التبعية.
  • يحتفظ بحرية الفكر والقرار دون تراجع.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
"العالم الحقيقي هو من لا يلهيه المال ولا السلطة عن دينه وحقه."

وقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم:
"اعبد الله وكف عن الناس ما ظلموك"، أي تمسك بالحق ولا ترضخ لظلم السلطان.


✅ 3. التمسك بالدليل الشرعي لا بالسياسة

العالم الموثوق به لا يخرج عن منهج القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، ولا يجعل فتواه أداة لخدمة أهواء الحاكم أو مواقف السياسة المتغيرة. إنه يبني رأيه وفتواه على الأدلة الشرعية الثابتة، مستندًا إلى فهم السلف الصالح الذي كان مرجعية العلماء في كل زمان ومكان.

قال الله تبارك وتعالى:
﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا ۚ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [هود: 112]، وهذا أمر واضح بالثبات على الحق وعدم التعدي على حدود الشرع.

والعالم الثقة يسير على نهج النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام الذين لم يبدلوا الحق تبعًا للمصالح السياسية أو الضغوط، بل كانوا صادقين في نصح الحكام وأمة الإسلام.

في المقابل، المتواطئ هو الذي يُلوي النصوص الشرعية ويفسرها بما يخدم السلطة الحاكمة أو الواقع المنحرف، محولًا بذلك شرع الله إلى أداة لتبرير الظلم والباطل، وهو بذلك يخون أمانة العلم ويضلل الناس.

📌 مظاهر التمسك بالدليل الشرعي:

  • الاعتماد على القرآن والسنة الصحيحة دون تحريف أو تحريف.
  • استشارة كتب التفسير والحديث والفقه للسلف الصالح.
  • تحري الدقة في نقل النصوص وعدم تأويلها بما يخالف مقاصد الشرع.
  • الابتعاد عن التزييف أو الاستغلال السياسي للدين.

قال الإمام ابن تيمية رحمه الله:
"من حمل النصوص على غير ما دلت عليه خالف النص وأوجب في نفسه الاتهام بالكذب."

وأوصى النبي محمد صلى الله عليه وسلم:
"تمسكوا بالسنة والجماعة، وإياكم ومن البدع".


✅ 4. مواقفهم ثابتة في السراء والضراء

العلماء العدول والمخلصون هم الذين يثبتون على الحق مهما كانت الظروف، فهم لا يغيرون مواقفهم أو أقوالهم تبعًا للظروف أو ضغوط السلطة أو المصالح الشخصية. ثباتهم هذا هو دلالة على صدقهم وإخلاصهم في نشر الحق، حتى لو كان ذلك على أنفسهم أو أقرب الناس إليهم.

قال الله تبارك وتعالى:
﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَادَوْا مِن قَبْلُ فَضَرَبَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ بِعَذَابٍ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الحشر: 16]، وهذا تحذير من التخاذل وتبديل الحق تبعًا للهوى أو المصلحة.

والعالم الحقيقي يقول الحق حتى لو كان على نفسه أو من يحب، لأنه يلتزم بالصدق والعدل. قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم:
"وأوصيكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة" [متفق عليه].

في المقابل، المتواطئون هم الذين يلونون أقوالهم ويغيرون مواقفهم بحسب ضغوط الدولة أو المنافع الشخصية، وهذا من علامات ضعف الإيمان وقلة المروءة، وقد يكونون سببًا في تعطيل الحق وانتشار الظلم.

📌 علامات ثبات العلماء العدول:

  • الثبات على المبادئ دون تردد.
  • عدم التنازل عن الحق رغم الضغوط.
  • نقد النفس والأقربين بصدق.
  • تمسكهم بالعلم والشرع في كل الأحوال.

الاستقامة على الحق تُورث المحبة والاحترام، وتبني أمة صلبة تقاوم الضغوط والفتن.


✅ 5. شهادة العلماء العدول فيهم

في عالم العلم والدعوة، لا يُعتمد إلا على شهادة العلماء العدول الثقات الذين ثبتوا على الحق، وتميزوا بالأخلاق الفاضلة والتزام الشريعة، فالعلماء بعضهم يزكي بعضًا، وشهادتهم هي معيار مهم لمعرفة أهل العلم الصادقين ومصداقيتهم.

فالرسول محمد صلى الله عليه وسلم قال:
"إن العلماء ورثة الأنبياء" [رواه الترمذي]، وأفضل ما يدل على صدق العالِم وثباته هو توصية علماء جُيله له، لأنهم يعرفون مسيرته وسلوكه، ويعلمون مدى اتزانه في الدين والتعامل.

وذلك لأن العلماء العدول لا ينطقون عن هوى، وإنما عن علم ويقين، فشهادة عالم موثوق بها تدل على حسن النية، وصفاء السريرة، والتزام الحق، وهي بمثابة ضمانة لمن يريد أن يتبع منهجًا صحيحًا، ويحفظ نفسه من الانحراف.

📌 أهمية هذه الشهادة:

  • تقليل الشكوك في صحة المعلومة.
  • بناء الثقة في الموجهين والدعاة.
  • حمايتك من أصحاب الدعاوى الكاذبة والبدع.
  • تسهيل طريق طلب العلم والعمل به.

🔹 من وسائل التثبت: سؤال العلماء الثقات عن شخصية أو مذهب معين، وطلب الكتب أو الأحاديث التي توثق ذلك.

قال الإمام النووي رحمه الله:
"الاستدلال بشهادة العلماء من طرق التحقيق في أمر الدين، لأنهم خير من يمثل الشريعة ويفسرها."


✅ 6. لا يغلق باب النصيحة ولا يحقر الناس

العالم الصادق المخلص لرسالته يكون دائمًا مفتوح القلب واليد لكل من يسأل عن الحق، ولا يغلق باب النصيحة أمام أحد مهما كان مستواه أو موقفه، بل يدعو بالحكمة والموعظة الحسنة، مقتديًا بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في دعوته وتعاملاته مع الناس.

فالنبي محمد صلى الله عليه وسلم كان رحمه الله يُجِيب أسئلة الصحابة والمستفتين بكل رحابة صدر ورفق، ولم يستخف أو يحتقر أحدًا بسبب ضعف فهمه أو جهله، بل كان يبسط لهم الأمر بلطف ووضوح، ويُعلي من قدر السؤال والطلب. فقد قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:
"من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له به طريقًا إلى الجنة" [رواه مسلم].

أما من كان متواطئًا أو متعصبًا أو متكبرًا على الناس، فإنه يغلق باب النصيحة، ويهاجم السائلين، ويشكك في نواياهم، وهذا من صفات المنافقين والمُضللين الذين يريدون إحكام قبضتهم على العقول بدل نشر العلم والحق. قال الله تبارك وتعالى:
﴿ وَمَن أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا ۚ أُولَٰئِكَ مَا كَانُوا لَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ ﴾ [البقرة: 114].

📌 نصائح مهمة في باب النصيحة:

  • استقبل الناس دائمًا بحسن خلق وصبر.
  • اجعل دعاءك لهم بالهداية والرشاد.
  • تذكر أن لكل إنسان ظروفًا قد لا تعلمها.
  • لا تحتقر سؤالًا أو استفسارًا، فقد يكون بابًا لفتح أفق جديد.
  • احذر من التشكيك في نوايا الآخرين إلا بدليل واضح.

الخير في الناس واسع، فكن أنت باب الخير والرحمة لهم، لا سببًا في الحاجز بينهم وبين نور العلم والهدى.


🌐 روابط تفيدك في معرفة العلماء الثقات:

  • موقع الإسلام سؤال وجواب: https://islamqa.info/ar
  • موقع طريق الإسلام: https://ar.islamway.net
  • كتب العلماء الموثوقين مثل:
  • "السياسة الشرعية" لابن تيمية
  • "معالم في الطريق" لسيد قطب (فيه مواقف مستقلة ولكن يحتاج لتمييز نقدي)

نصيحة: لا تتبع العالم لمجرد شهرته أو مظهره، بل انظر إلى أفعاله وأقواله ومواقفه وقت الأزمات.


✅ 6. إظهار الخطر بطرق غير مباشرة

من فقه الدعوة وحكمة البلاغ أن يُظهر المؤمن الظلم والخطر القائم في مجتمعه بأسلوب غير مباشر، وذلك اتقاءً لبطش الظالمين، وحفاظًا على استمرار الرسالة، ولتوسيع دائرة التأثير دون أن يتعرض الداعية أو المجاهد في الكلمة لأذى مباشر يُفسد عليه عمله.

وقد سار على هذا المنهج الأنبياء والحكماء والمصلحون عبر العصور، حيث استخدموا الرمزية، والقصص التاريخية، والأمثال، والطرح العام لفضح الظلم، وإيقاظ الغافلين، دون التصريح بالأسماء أو الجهات التي قد تجرّ عليهم الضرر المباشر.

🔹 أمثلة من هذا الأسلوب:

  • استخدم النبي محمد صلى الله عليه وسلم في بدايات دعوته أسلوب التلميح، كما في قوله:
    "لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها" [رواه البخاري ومسلم]، وهو تصريح بقيم العدل دون ذكر أشخاص أو جهات.

  • وقال يوسف عليه السلام في السجن في قول الله تبارك وتعالى:
    ﴿ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴾ [يوسف: 39]، مشيرًا بلطف إلى فساد عقائد القوم، دون استفزاز مباشر.

  • وفي أدب العلماء، كان ابن الجوزي وابن القيم وابن تيمية يستخدمون الأمثلة والأحداث التاريخية لنقد الواقع، دون اصطدام مباشر ما أمكن.

🔸 أشكال هذا الأسلوب في الواقع المعاصر:

  • كتابة مقالات أو منشورات عن ظلمٍ تاريخي يُشبه الظلم الحالي، ليفهم القارئ العبرة دون أن تُذكر أسماء.
  • إنتاج فيديوهات أو تصاميم رمزية تُشير إلى القهر والفساد بأسلوب فني أو أدبي.
  • سرد قصص من السيرة النبوية أو تاريخ المصلحين لربطها بالواقع دون تصريح مباشر.

📌 فائدة هذا الأسلوب:

  • يُحقق المقصود في إيصال الرسالة.
  • يُجنّب القائمين على الإصلاح الاصطدام المباشر المؤذي.
  • يُساهم في إيقاظ الناس بالتدريج، ويكسر حاجز الخوف لديهم.

⚠️ تنبيه شرعي: يجب أن يُستخدم هذا الأسلوب في إطار من الصدق والحكمة، دون كذب أو تلاعب، وأن يُراعى فيه مقصود الشرع في نصرة الحق دون الفتنة أو التحريش.


✅ 7. بناء المجتمع الداخلي المقاوم

من أعظم وسائل التمكين والإصلاح في زمن الفتن والظلم أن يسعى المؤمن إلى بناء مجتمع داخلي متماسك، قائم على الإيمان الصادق، والتواصي بالحق، والتعاون على البر والتقوى، بعيدًا عن موالاة الظالمين أو مداهنتهم. وهذا المجتمع يكون نواةً للنهضة، وأساسًا لمرحلة الإصلاح الحقيقي عند توفّر الظروف المناسبة.

وقد أرشدنا القرآن الكريم إلى أهمية الارتباط بالمؤمنين الصادقين، فقال الله تبارك وتعالى:
﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ﴾ [الكهف: 28].
فهؤلاء هم أهل الثبات، الذين يُعدّ الالتفاف حولهم من أسباب النجاة، وبذرة النصر.

والمقصود بـ"بناء المجتمع المقاوم" هو الحرص على ترسيخ قيم الإيمان والوعي في النفوس، وجمع القلوب على منهج الحق، وتكوين روابط قوية بين المؤمنين سواءً كان ذلك بشكلٍ علنيّ إن أُمن البطش، أو بشكلٍ سريّ في حال الخطر والبطش الشديد، تمامًا كما فعل النبي محمد صلى الله عليه وسلم في دار الأرقم في مكة، حين بدأ بدعوة الصفوة من الصحابة سرًّا قبل الجهر بالدعوة.

📌 من معالم هذا البناء:

  • تكوين مجموعات أو أسر صغيرة تتعاون على طلب العلم الشرعي الصحيح.
  • نشر الوعي الديني والفكري بين الناس، وفضح وسائل التضليل الإعلامي.
  • تعليم الناس حقوقهم وواجباتهم في ضوء الشريعة.
  • تقوية الأخوّة الإيمانية وروح التضحية والصبر.
  • التحضير لمرحلة الإصلاح والبناء متى سنحت الظروف، مع الاستعانة بالله والتخطيط الحكيم.

🔗 المؤمنين الصادقين

ملاحظة مهمة: لا يعني العمل السري الدعوة إلى الفوضى أو الخروج عن ضوابط الشريعة، بل هو وسيلة تحفظ الحق وتمنع الطغيان من قطع الطريق على الإصلاح.


✅ 8. كثرة الدعاء واللجوء إلى الله تعالى

الدعاء هو سلاح المؤمن، لا سيما في أوقات الشدة والظلم، وهو من أعظم أبواب النصر والفرج. فقد كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر، فزع إلى الدعاء، وعلم أصحابه أن النصر الحقيقي يبدأ من التوجه إلى الله بقلب خاشع ولسان صادق.

ومن الأدعية الثابتة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مواجهة الأعداء:
"اللَّهُمَّ إنَّا نَجْعَلُكَ في نُحُورِهِمْ، ونَعُوذُ بكَ مِن شُرُورِهِمْ"
✦ رواه أبو داود في "سننه" (ح/1537) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".

وهو دعاء جامع يتضمن تفويض الأمر إلى الله، والاستعاذة به من كيد الأعداء، ويعبر عن كمال التوكل على الله وحده، في زمن تتكاثر فيه الفتن وتُرفع فيه رايات الظلم.


🔺نصيحة أخيرة:

ليس الخوف من الظلمة عيبًا، لكن العيب أن تُسلم نفسك لهم طائعًا. تحرك بحكمة، ووازن بين حفظ دينك ودرء الفتنة. فالله ناصر من نصره، ومبطل كيد من خافه واتقاه.


 قال الله عز وجل:

"الأعراب أشد كفرًا ونفاقًا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله والله عليم حكيم"
— [سورة التوبة: الآية 97]

فهي من كلام الله سبحانه وتعالى، وليست من قول أحد من البشر، فلا يُقال فيها: "من القائل؟" على جهة النسبة للناس، بل هي وحي من الله عز وجل.

توضيح المعنى:

  • الأعراب: هم سكان البادية الذين يسكنون خارج المدن، وليس المقصود كل من كان عربيًا.
  • أشد كفرًا ونفاقًا: أي أن كثيرًا من الأعراب كانوا في زمن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أكثر كفرًا ونفاقًا من غيرهم، بسبب جهلهم وبعدهم عن العلم ومجالس الوحي، وليس هذا حكمًا عامًّا على كل أعرابي.
  • أجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله: أي أقرب إلى الجهل بأحكام الدين وتعاليم الإسلام.

التنبيه:

هذه الآية لا تُستخدم للتعميم أو الذم المطلق لكل الأعراب أو البدو، بل هي تصف حال طائفة من الأعراب في زمن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكانت هناك فئات أخرى منهم مؤمنة وصادقة، بل ومنهم من مدحه الله تبارك وتعالى، كما في قوله:

"ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم"
— [سورة التوبة: الآية 99]

الخلاصة:

  • القائل: هو الله جل جلاله.
  • ولا يُنسب هذا القول لبشر.
  • ولا يصح استخدام الآية في غير سياقها لتعميم الذم أو الإهانة.

⚠️ ختامًا: تبرّع لأهل غزة وكن سببًا في نجاتهم

نذكّرك أخي الكريم بأهمية نصرة أهلنا في غزة، فهم في أمسّ الحاجة للدعم، والتبرع لهم هو باب من أبواب الخير العظيم، وأجره عند الله عظيم.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته" [رواه البخاري].

يمكنك التبرع عبر الروابط التالية الموثوقة:

رابط 1 – رابط 2 – رابط 3 – رابط 4

(اطلع على القائمة الكاملة هنا)



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خالد بن الوليد بن المغيرة من أعظم القادة العسكريين في التاريخ الإسلامي

خالد بن الوليد بن المغيرة هو أحد أعظم القادة العسكريين في تاريخ الإسلام

باينانس Binance و كيف تربح منها بدون رأس مال

نظرية العصبية لإبن خلدون: أسس وعوامل تطور الأمم

ما هي منصة باينانس (Binance)؟ دليلك الكامل للتسجيل والتداول بأمان

الأضحية في الإسلام: فضلها وأحكامها وأبرز الأخطاء الشائعة

خالد بن الوليد: نسبه ونشأته

دهاء وشجاعة أسد الصحراء عمر المختار

نجم الدين أيوب: السلطان المجاهد الذي مهد لتحرير بيت المقدس

وجوب الجهاد في الإسلام: مكانته وأثره في حياة المسلم