العدل في الإسلام: أحاديث نبوية صحيحة من البخاري ومسلم
العدل في الإسلام: أحاديث نبوية صحيحة من البخاري ومسلم
1. عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال:
مكانة العدل في الإسلام
عن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"إن المقسطين عند الله على منابر من نور، عن يمين الرحمن – وكلتا يديه يمين – الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وُلّوا."
(رواه مسلم)
✅ شرح الحديث:
- "المقسطين": أي العادلين، الذين يُنصفون الناس ولا يظلمون أحدًا.
- "على منابر من نور": إشارة إلى رفعة مكانتهم يوم القيامة، حيث يُجلّهم الله تعالى ويُكرمهم أمام الخلائق.
- "عن يمين الرحمن": أي في أعلى مراتب القرب من الله سبحانه، وليس كمثله شيء.
- "وكلتا يديه يمين": أي أن صفات الله كلها كمال وعدل، فلا نقص فيها – وهذا من باب التنزيه والتعظيم.
- "الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وُلّوا": أي العدل يشمل كل ما وُكّل إليهم: من الحكم بين الناس، إلى إدارة أمور الأهل، أو أي مسؤولية أُعطيت لهم.
📌 فائدة:
هذا الحديث يُظهر عِظَمَ منزلة العدل في الإسلام، وأنّ العدل لا يقتصر على القضاء فقط، بل يشمل كل موقف تُمارَس فيه سلطة أو مسؤولية.
2. العدل بين الأبناء فريضة شرعية
عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال:
قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم:
"اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم."
(رواه البخاري ومسلم)
✅ شرح الحديث:
في هذا الحديث الشريف يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالعدل بين الأبناء، ويحذّر من الظلم في العطايا أو المعاملة، ويقرنه بتقوى الله، مما يدل على عِظم هذا الأمر.
فالميل إلى أحد الأبناء دون الآخرين في الهدايا أو المشاعر يولِّد الغيرة والحقد، ويُفسد القلوب، ويزرع الفُرقة داخل الأسرة، وهو ما يُخالف مقصود الشريعة من تحقيق المودة والرحمة في البيت المسلم.
3. الرفق بالناس مسؤولية عظيمة وأمانة ثقيلة
عن عائشة رضي الله عنها قالت:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فشقّ عليهم، فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم، فارفق به."
(رواه مسلم، حديث صحيح)
✅ شرح الحديث:
في هذا الحديث دعاء عظيم من النبي صلى الله عليه وسلم يُظهر فيه خطورة تولي شؤون الناس بغير عدل أو رحمة، فالذي يُرهق الناس ويظلمهم أو يُشدد عليهم، يدعو النبي بأن يشدد الله عليه. أما من كان في موقع المسؤولية وتعامل مع الناس بلين ورحمة وعدل، فإن له دعوة بالرفق من الله سبحانه.
🔹 هذا الحديث تحذير صريح لكل من وُكّل إليه أمر من أمور الناس: حاكمًا كان أو مسؤولًا أو حتى ولي أمر في بيته، أن يتقِ الله ويعدل ولا يشقّ على من تحت يده.
✅ درجة الحديث:
- صحيح
- رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو من أصحّ كتب الحديث بعد صحيح البخاري.
4. فضل الإمام العادل يوم القيامة
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم:
"سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلّق بالمساجد، ورجلان تحابّا في الله اجتمعا عليه وتفرّقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدّق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه."
(رواه البخاري ومسلم)
✅ شرح الحديث:
في هذا الحديث الشريف يُبيّن النبي محمد صلى الله عليه وسلم فضل الإمام العادل، وجعل مكانته في أعلى مراتب الأمان يوم القيامة، حين لا يكون هناك ظل إلا ظل عرش الله عز وجل.
- 🔹 "إمام عادل": أي الحاكم أو من يتولى أمر جماعة من الناس، ويقيم العدل فيهم في الحكم والمعاملة، دون ميل أو جور.
- وعدل الإمام لا يقتصر على القضاء، بل يشمل كل صور القيادة والمسؤولية، لأن عدله يُصلح الأمة ويجلب رضا الله، بينما ظلمه يُفسد البلاد ويستوجب العقوبة.
مكانة العدل في الإسلام:
العدل في الإسلام ليس مجرد خُلق محمود، بل هو أساس قيام الأمم وميزان صلاح المجتمعات، وقد جعله الله تعالى من أعظم مقامات الدين، وسمّى نفسه العدل، وأحبّ العادلين.
قال الله تبارك وتعالى:
{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}
(سورة المائدة: 42)
🔹 العدل من أسماء الله وصفاته العُلى، فهو العدل الذي لا يظلم أحدًا، ويأمر عباده به في كل أحوالهم.
🔹 بالعدل تُقام الدول، ولو كانت كافرة، وإذا غاب العدل، سقطت أركان المجتمع وظهرت الفتن، ولو كانت الأمة مسلمة بالاسم.
🔹 الظلم ثمرة لغياب العدل، وبه تهلك الأمم، ويحل بها سخط الله، كما قال الله تبارك وتعالى:
{وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدًا}
(سورة الكهف: 59)
أمثلة من عدل النبي محمد صلى الله عليه وسلم
ضرب رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في العدل الكامل، فلم يُجامِل قريبًا، ولم يظلم خصمًا، بل حكم بالحق ورضي بحكم الله في كل الأمور.
🔹 1. العدل في إقامة حدود الله:
عندما طلب بعض الناس الشفاعة في حد من حدود الله، قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قولته المشهورة:
"وأيمُ الله، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت، لقطعت يدها."
(رواه البخاري ومسلم)
في هذا الموقف، بيّن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أن العدل فوق القرابة والمكانة، وأن حدود الله لا تُساوم عليها عاطفة ولا جاه.
🔹 2. العدل بين الزوجات:
كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يعدل بين أزواجه في المبيت والنفقة، فلا يُفضّل واحدة على أخرى، مع ما يكنه من مشاعر، تطبيقًا لأمر الله تبارك وتعالى:
{فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ}
(النساء: 129)
🔹 3. العدل مع غير المسلمين:
ذات مرة اختصم يهودي مع مسلم، وكان الحق مع اليهودي، فأنصفه النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وحكم له رغم اختلاف الدين، تطبيقًا للحق والعدل، لا للهوى.
قال الله تبارك وتعالى:
{وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل}
(النساء: 58)
هذه المواقف كلها تدل على أن العدل عند النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان مبدأً لا يتغير، لا يُميز فيه بين قريب أو بعيد، مسلم أو غير مسلم، رجل أو امرأة.
خاتمة:
العدل قيمة عظيمة لا يستقيم المجتمع بدونها، وهو واجب على الحاكم والمحكوم، على الوالد في بيته، والمعلم في فصله، وكل من تولى مسؤولية. وقد وعد الله العادلين بأجر عظيم ومنزلة عالية، فليكن العدل شعارنا في كل تعامل.
ختامًا: تبرّع لأهل غزة وكن سببًا في نجاتهم
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته" [رواه البخاري].
يمكنك التبرع عبر الروابط التالية الموثوقة:
رابط 1 – رابط 2 – رابط 3 – رابط 4
(اطلع على القائمة الكاملة هنا)
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليقك و أي استفسارات لتعم الفائدة