نظرية العصبية لإبن خلدون: أسس وعوامل تطور الأمم
ابن خلدون: رائد علم الاجتماع ومؤسس فلسفة التاريخ
أحد أعظم المفكرين في الحضارة الإسلامية والعالم و تاريخ الإسلام، عبد الرحمن بن خلدون، ويعرض أهم إنجازاته العلمية، وأثره في نشأة علم الاجتماع وفلسفة التاريخ.
فهرس المقال:
- من هو ابن خلدون
- نشأته وتعليمه
- ✅ الوظائف التي شغلها ابن خلدون
- 🏛️ كاتب للإنشاء في بلاط تونس
- كاتب السر في بلاط غرناطة
- قاضي المالكية في مصر (قاضي القضاة)
- أستاذ في الجامع الأزهر والمدرسة الظاهرية
- مؤلف ومؤرخ رسمي للدولة
- 📘 "كتاب العِبر وديوان المبتدأ والخبر"
- 📖 "المقدمة"
- مبعوث دبلوماسي ومفاوض سياسي بارع
- 📜 مبعوث سلطان غرناطة إلى قبائل المغرب
- 🏰 مفاوض مع تيمورلنك أثناء حصار دمشق
- أول محاولة لفهم التاريخ علميًا
- سقوط الأندلس – نهاية ثمانية قرون من الحضارة الإسلامية في أوروبا
- أسباب السقوط
- سقوط غرناطة (1492م)
- الأثر الحضاري
- 📖 مفهوم الشريعة عند ابن خلدون
- 🌐 الشريعة: رابط بين الدين والسياسة والعمران
- تعريف العصبية
- 🔹 عناصر العصبية في فكر ابن خلدون
- 🔹 مراحل تطور العصبية عند ابن خلدون
- 🔸 تأثير نظرية العصبية لابن خلدون
- ❖ مراحل تطور العمران عند ابن خلدون
- "العمران البدوي" – مرحلة النشأة والقوة
- يتميزون بالشجاعة، والبُعد عن الترف، والاعتماد على النفس
- الدين يكون حاضرًا بقوة، والناس يحرصون على القيم والأخلاق
- هذه البيئة تُنتج أبطالًا وزعماء يُقيمون الدولة
- "العمران السياسي" – مرحلة التأسيس والنظام
- يُستعمل المال لتنظيم أمور الحكم
- يبدأ الانتقال من البداوة إلى التحضّر
- الدولة لا تزال في قوتها، يحكمها العدل والهيبة
- "العمران الحضري" – مرحلة الرفاهية والترف
- يكثر الاعتماد على المال بدل القوة
- تنشط الصناعات والفنون، لكن الروح القتالية تضعف
- يبدأ الجيل الجديد في الابتعاد عن حياة الأجداد الصعبة
- "الضعف والانحلال" – مرحلة فقدان العصبية
- الحاكم يهتم بملذاته ويُقصي أهل الكفاءة
- الخوف على المناصب يؤدي إلى قمع الناس
- العصبية تنهار، والشعوب تفقد ثقتها بالدولة
- "الانهيار والزوال" – نهاية الدولة
- الترف المفرط يفسد الأخلاق والقيم
- الجيش يفقد الولاء والقدرة
- تظهر دولة أو قبيلة جديدة، تُطيح بها وتبدأ دورة جديدة
- عبقرية ابن خلدون في فهم التاريخ
- ✦ للمزيد من القراءة
- الدين
- العدل
- الصدق
- كيف تعود الدول إلى هذه القيم
- الدين كأساس للاستقرار والنهضة
- العدل كركيزة للحكم المستقر
- الصدق والثقة كأساس للعمل الجماعي
من هو ابن خلدون؟
ابن خلدون هو عبد الرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمي، وُلد في تونس عام 1332م (732هـ)، وتوفي في القاهرة عام 1406م (808هـ). يُعد من أبرز علماء المسلمين في العصور الوسطى، وواحدًا من أوائل من أسسوا علم الاجتماع بشكل علمي ومنهجي، حيث سبق الغرب في فهم آليات نشوء الدول والحضارات وسقوطها.
نشأته وتعليمه
نشأ ابن خلدون في أسرة علمية أندلسية الأصل، هاجرت إلى شمال إفريقيا بعد سقوط الأندلس. تلقى تعليمًا واسعًا في القرآن، والحديث، والفقه، واللغة، والرياضيات، والفلسفة. كما تأثر كثيرًا بالفكر الإسلامي والعقلي السائد آنذاك، مما ساعده على تكوين رؤية تحليلية عميقة للأحداث التاريخية والاجتماعية.
سقوط الأندلس – نهاية ثمانية قرون من الحضارة الإسلامية في أوروبا
بدأت قصة سقوط الأندلس بنهاية بطيئة لدولة الإسلام في شبه الجزيرة الإيبيرية (إسبانيا والبرتغال حاليًا)،
كانت الأندلس منارة علم، وموطن حضارة جمعت بين الدين والعلم والفن، ولكنها انتهت بسقوط غرناطة، آخر معاقل المسلمين، في يد الملكين الكاثوليكيين فرناندو وإيزابيلا.
أسباب السقوط:
سقوط غرناطة (1492م):
الأثر الحضاري:
أخلاق ابن خلدون مع أمثلة من سيرته
-
العلم والبحث الدؤوب
كان ابن خلدون عاشقًا للعلم، حيث لم يكتفِ بالاطلاع فقط، بل قام بجمع وتحليل البيانات بدقة ليضع أسسًا علمية في التاريخ والاجتماع.
مثال: قضى سنوات في تدوين "المقدمة" التي تعتبر حجر الأساس لعلم الاجتماع، حيث درس الحضارات والدول بعمق.
المصدر: Britannica - Ibn Khaldun -
الصدق والأمانة العلمية
تميز ابن خلدون بواقعية عالية، ورفض التزييف أو المبالغة في سرد الأحداث، وكان دائمًا يحاول فصل الحقيقة عن الخيال.
مثال: عندما ناقش أسباب انهيار الدول، لم يتردد في نقد الحكام، رغم كونه نفسه من الطبقة الحاكمة.
المصدر: Stanford Encyclopedia of Philosophy - Ibn Khaldun -
التواضع
رغم مكانته العلمية والسياسية، كان ابن خلدون متواضعًا في تعامله مع الناس، يستمع إلى آراء الآخرين ويقدّرها.
مثال: كان يرحب بالحوار والنقاش مع العلماء والسياسيين في بلاطات الملوك والسلاطين.
[المصدر: History of Islamic Philosophy] -
الصبر والثبات
واجه ابن خلدون الكثير من التقلبات السياسية، لكنه صبر وواصل عمله العلمي والسياسي رغم الضغوط.
مثال: تعرض للسجن والنفي، لكنه استغل هذه الفترات في كتابة أبحاثه وتأليف كتبه.
[المصدر: Encyclopedia of Islam] -
العدل والموضوعية
كان ينصف في أحكامه وتحليلاته، ويبتعد عن الانحياز لأي طرف سياسي أو اجتماعي.
مثال: في تفسيره لدورة العمران البشري، لم يحابي دولة أو شعبًا معينًا بل قدم تحليلاً محايدًا.
[المصدر: Ibn Khaldun Studies] -
حب الوطن والمسؤولية الاجتماعية
اهتم ابن خلدون بإصلاح المجتمعات ودفعها نحو التقدم، وكان يرى أن المعرفة والعلم سبيل للنهضة.
مثال: نصح الحكام والسياسيين بضرورة العدالة والاهتمام برفاهية الشعب في كتبه ورسائله.
[المصدر: كتاب "المقدمة" لابن خلدون] -
العمل الجاد والمثابرة
كان يعمل بلا كلل في مجالات متعددة: السياسة، التعليم، التأليف، والإدارة، مما يدل على مثابرته الكبيرة.
مثال: أثناء عمله في بلاط ملوك المغرب وتونس، كان ينجز أبحاثه رغم انشغالاته السياسية.
[المصدر: Britannica - Ibn Khaldun]
✅ الوظائف التي شغلها ابن خلدون
ابن خلدون لم يكن فقط مؤرخًا أو فيلسوفًا، بل تنقل في مناصب سياسية وإدارية وعلمية متعددة، نظرًا لعلمه وحنكته، وترك أثرًا كبيرًا في دول المغرب العربي والأندلس والمشرق الإسلامي.
1. 🏛️ كاتب للإنشاء في بلاط تونس
- أول وظيفة رسمية شغلها ابن خلدون كانت في ديوان السلطان أبي إسحاق الحفصي في تونس.
- عمله كان في تحرير الرسائل الرسمية والشؤون الإدارية.
📚 المصدر: مقدمة ابن خلدون – فصل السيرة الذاتية:
رابط المقدمة – المكتبة الوقفية
🏰 2. كاتب السر في بلاط غرناطة
بعد خروجه من تونس، توجه ابن خلدون إلى مدينة غرناطة بالأندلس، حيث استُقبل بحفاوة من قبل السلطان محمد الخامس النصري الذي عُرف بثقافته ورعايته للعلماء.
لما عرف السلطان برجاحة عقل ابن خلدون وسعة علمه، عيّنه في منصب كاتب السر، وهو منصب رفيع يُكافئ وزير الدولة لشؤون المراسلات والسياسات، ويشمل تحرير الوثائق الرسمية، وصياغة الخطابات بين الدولة والدول الأخرى، وهو من أهم المناصب السياسية في البلاط.
وقد ظهر أثر ابن خلدون في تلك المرحلة في تدعيم العلاقات بين غرناطة والمغرب، وشارك في بعض المهام الدبلوماسية لصالح الدولة النصريّة.
📚 للاطلاع على تفاصيل هذه المرحلة في حياته، راجع: مقدمة ابن خلدون – فصل السيرة الذاتية
⚖️ 3. قاضي المالكية في مصر (قاضي القضاة)
عندما وصل ابن خلدون إلى القاهرة سنة 784هـ، استقبله علماء الأزهر وسلاطين المماليك بإجلال، نظرًا لمكانته العلمية البارزة. ولم يمضِ وقت طويل حتى عيّنه السلطان الظاهر برقوق في منصب قاضي المالكية، وهو أعلى منصب قضائي في الدولة لمذهب الإمام مالك رحمه الله.
تميّز ابن خلدون بالصرامة والعدل في تطبيق الشريعة، وكان لا يُراعي في أحكامه سوى الحق، ما جعله عرضة للنقد من بعض أصحاب النفوذ، وتسبب ذلك في عزله وإعادته أكثر من مرة، حيث تولّى المنصب ست مرات خلال حياته في مصر. ومع ذلك، ظلّ ثابتًا على مبادئه القضائية، لا يُجامل ولا يظلم.
📚 للمزيد، انظر سيرته في: مقدمة ابن خلدون – المكتبة الوقفية، قسم السيرة الذاتية.
📖 4. أستاذ في الجامع الأزهر والمدرسة الظاهرية
بعد استقراره في القاهرة، برز الإمام عبد الرحمن بن خلدون كواحد من أعلام التدريس في عصره، وقد تولّى مهمة التعليم في مؤسستين من أهم معاقل العلم في العالم الإسلامي: الجامع الأزهر والمدرسة الظاهرية.
في الجامع الأزهر، درَّس ابن خلدون علوم التفسير والحديث والفقه المالكي، وكان يركّز على تحليل النصوص الشرعية وربطها بالواقع السياسي والاجتماعي، وهو ما ميز طريقته التعليمية عن غيره من أهل زمانه. وقد اشتهر بدقته في التدريس، وتشجيعه لطلابه على الفهم العميق، لا الحفظ المجرد.
أما في المدرسة الظاهرية، التي أنشأها السلطان الظاهر بيبرس، فقد تولّى تدريس علوم الشريعة واللغة، وكان يُعنى بـ الفقه المقارن، موضحًا أسباب اختلاف الفقهاء ومقاصد الشريعة.
وقد ذكر ابن خلدون بنفسه هذه المرحلة التعليمية في سيرته ضمن مقدمة كتابه الشهيرة، حيث قال:
"ثم أجازني قاضي القضاة بالمدرسة الظاهرية بالقاهرة... واستقمت على التدريس بالأزهر."
(المصدر: مقدمة ابن خلدون، السيرة الذاتية، صـ 49 – المكتبة الوقفية)
✍️ 5. مؤلف ومؤرخ رسمي للدولة
لم يكن الإمام ابن خلدون مجرد فقيه أو قاضٍ فقط، بل عُرف كذلك بأنه من أهم المؤرخين والمفكرين في التاريخ الإسلامي. وقد نال في مصر منزلة رفيعة، فاستُدعي لتوثيق أبرز الأحداث السياسية والعسكرية الجارية، وأصبح بمثابة "المؤرخ الرسمي" للدولة في بعض الفترات.
وقد أُعجب السلاطين برصانته وقدرته على التحليل العميق، فكُلّف بتدوين الحوادث الكبرى التي عصفت بالعالم الإسلامي، وخصوصًا ما تعلق بانهيار دول، وصعود أخرى، والتحولات الاجتماعية التي واكبت ذلك.
ومن ثم بدأ مشروعه التأريخي الضخم، والذي أثمر عن أعظم أعماله الفكرية:
📘 "كتاب العِبر وديوان المبتدأ والخبر"
- هذا هو عمله التاريخي الشامل، ويقع في سبعة مجلدات ضخمة.
- يتناول فيه تاريخ العرب، والبربر، والممالك الإسلامية، والدول المعاصرة له.
- يُعد من المصادر الأساسية لفهم التاريخ الإسلامي من منظور تحليلي عميق.
- وقد قال فيه ابن خلدون: "ذكرت فيه من أحوال العمران ما يعسر الوقوف عليه لمن بعدي..."
🟢 المصدر المباشر: كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر – المكتبة الوقفية
📖 "المقدمة"
- وهي الجزء الأول من "كتاب العبر"، لكنها صارت أشهر من الكتاب نفسه.
- أسس فيها علم الاجتماع قبل الغرب بقرون، وتحدث عن العمران، الاقتصاد، الدولة، التربية، الطبيعة البشرية، وغيرها من العلوم.
- تناول فيها قوانين قيام الدول وسقوطها، والصراع بين البداوة والحضارة، وتدهور القيم مع الترف.
- تعتبر من أهم ما كُتب في الفكر الإنساني حتى اليوم، وقد تُرجمت إلى لغات كثيرة.
📘 يمكنك قراءة "المقدمة" كاملة عبر هذا الرابط:
📚 مقدمة ابن خلدون – نسخة كاملة ومحققة
💡 تميّز ابن خلدون كمؤرخ لا يكمن فقط في نقله للأحداث، بل في تحليله للسنن الاجتماعية التي تحكم rise and fall الأمم، وهو ما جعله يُلقب في عصرنا بـ "أبو علم الاجتماع".
🤝 6. مبعوث دبلوماسي ومفاوض سياسي بارع
لم يكن ابن خلدون مجرد عالم ومؤرخ، بل لعب أيضًا دورًا مهمًا في العمل الدبلوماسي والسياسي، حيث تولّى مهام حساسة تتطلب حنكة وبلاغة ودهاء. وقد شهدت حياته محطات مهمة كمبعوث رسمي من قِبل ملوك وسلاطين، سواء في الأندلس أو مصر.
📜 مبعوث سلطان غرناطة إلى قبائل المغرب
حين كان في بلاط السلطان محمد الخامس النصري بغرناطة، أُرسل ابن خلدون مبعوثًا رسميًا إلى زعماء قبائل المغرب، لما كان يتمتع به من علاقات واسعة هناك، خاصة مع قبائل صنهاجة التي ينتمي إليها.
وقد كانت هذه المهمة تهدف إلى تعزيز العلاقات والتحالفات بين غرناطة والمغرب ضد التهديدات القشتالية. وقد أظهر ابن خلدون مهارة كبيرة في كسب ثقة القبائل وإقناعها، مما أسهم في تعزيز مكانته السياسية.
📚 المصدر: مقدمة ابن خلدون – سيرته الذاتية، المكتبة الوقفية
🏰 مفاوض مع تيمورلنك أثناء حصار دمشق
من أكثر المهام الدبلوماسية شهرة وخطورة كانت في عام 803 هـ (1400 م)، حين حاصر تيمورلنك مدينة دمشق. أرسل السلطان المملوكي في القاهرة وفدًا دبلوماسيًا للتفاوض مع تيمورلنك، وكان من ضمن هذا الوفد ابن خلدون.
وقد حظي بمقابلة خاصة مع تيمورلنك، ودوّن تفاصيل تلك المقابلة بنفسه، مشيرًا إلى أن المغولي أُعجب بثقافته ومعرفته بالتاريخ والجغرافيا، حتى أنه سأله مرارًا عن أوضاع المغرب، والقبائل، والبحار المحيطة بالأندلس.
قال ابن خلدون عن هذا اللقاء:
"وأعجب بي جدًا، وكان يستمع إليّ كثيرًا... فسألني عن بلاد المغرب والقبائل التي بها."
📘 يمكنك قراءة نص المقابلة في:
المقدمة – الفصل الأخير من السيرة الذاتية لابن خلدون
🧠 هذه المهام تُظهر كيف جمع ابن خلدون بين العلم والسياسة، وامتلك قدرة على الحوار والإقناع جعلت منه موضع ثقة في الملفات الحساسة في عصره.
خلاصة
ابن خلدون جمع بين:
- الوظائف الإدارية (كاتب سر، وزير، دبلوماسي)،
- والوظائف العلمية (قاضي، أستاذ، مؤلف).
وما جعله مميزًا أنه دائمًا كان يُوظف علمه لخدمة الأمة، ويبتعد عن التملق للحكام.
1. المثنّى بن حارثة الشيباني
- من كبار قادة الفتح الإسلامي في العراق.
- شارك في معارك عديدة ضد الفرس قبل مجيء خالد بن الوليد.
- عُرف بالشجاعة والحكمة والحنكة العسكرية.
- من أوائل من واجهوا الفُرس قبيل معركة القادسية.
- سيرته من موقع "الدرر السنية"
2. الحارث بن هشام
- صحابي جليل، من بني مخزوم.
- قاتل في معركة اليرموك واستُشهد فيها.
- أسلم يوم فتح مكة، وكان من عقلاء قريش.
- له مواقف عظيمة في الجهاد والثبات.
3. القعقاع بن عمرو التميمي
- من أبطال المسلمين في حروب الردة والفتوحات.
- قال عنه أبو بكر الصديق: «لا يُهزم جيشٌ فيه مثل القعقاع».
- أرسل مع جيش إلى اليرموك، وله دور بارز في معركة القادسية.
- كان له أثر نفسي في تضعيف معنويات العدو برفع راية النصر والضجيج والتهويل الحربي.
4. أبو يزيد الخارجي (النُّكاري)
- قاد ثورة على الدولة الفاطمية في شمال أفريقيا.
- يُلقب بـ"صاحب الحمار" لأنه كان يركبه في معاركه.
- اتهم بالبدعة والخروج، وكانت حركته ذات طابع سياسي ديني.
- انتهت ثورته بمقتله سنة 336هـ.
5. الخليفة المعتصم بالله العباسي
- هو محمد بن هارون الرشيد، الخليفة الثامن للدولة العباسية.
- أسّس مدينة سامراء، ونقل إليها العاصمة.
- من أشهر أعماله: نصرته لامرأة نادت "وامعتصماه"، فردّ على الروم بجيشٍ كاسح وانتصر في معركة عمورية.
- عُرف بالقوة والحزم، ويعد من أبرز الخلفاء العباسيين بعد هارون الرشيد.
📝 استخدام المقارنة:
هؤلاء القادة مثل المثنى والقعقاع والمعتصم، يجسدون مفهوم العصبية الصالحة التي تحدث عنها ابن خلدون، حيث اجتمعوا على نصرة الإسلام، وبفضل ولائهم المشترك وهويتهم الجامعة، تحقق النصر.
مقدمة ابن خلدون: أول محاولة لفهم التاريخ علميًا
ألف ابن خلدون كتابه الشهير "العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر"، وخصص له مقدمة شهيرة تُعرف بـ"مقدمة ابن خلدون". وفيها تناول بشكل غير مسبوق موضوعات مثل:
- تطور العمران
- نشوء الدولة وصعودها وسقوطها
- أثر الاقتصاد والبيئة والدين في سلوك الأفراد والمجتمعات
- تحليل دقيق لطبيعة البدو والحضر
وتُعد هذه المقدمة أول محاولة لفهم الظواهر الاجتماعية والتاريخية بشكل علمي ومنهجي، ولهذا اعتبره كثيرون مؤسس علم الاجتماع.
ابن خلدون ليس مجرد مؤرخ أو عالم مسلم ، بل هو عبقري وضع أسس علم الاجتماع والتاريخ بطريقة لم يسبقه إليها أحد. واليوم، لا يزال أثره حيًا في الفكر المعاصر، ويُدرس اسمه في أرقى الجامعات حول العالم.
مصادر موثوقة:
المقصود بـ الجيل الثالث عند ابن خلدون هو:
🔻 الجيل الذي يُولد وينشأ بعد أن تستقر الدولة وتزدهر وتبدأ في حياة الترف والتحضّر، لكنه لم يشهد صعوبات التأسيس أو معاناة الآباء المؤسسين.
📌 خصائص الجيل الثالث في نظر ابن خلدون:
-
يبتعد عن القيم الصلبة التي كانت عند الأجداد، مثل:
- الشجاعة.
- الزهد في الدنيا.
- الاعتماد على النفس.
- قوة العصبية (الولاء والارتباط بالجماعة).
-
ينشأ في بيئة ناعمة ومرفّهة:
- تكثر فيها الرفاهية.
- يسود الاعتماد على الدولة بدل الاعتماد على النفس.
- تقل فيها الصلابة النفسية والروحية.
-
يفتقد الحافز للتضحية أو البناء:
- لأنه وُلد في وقت الاستقرار والرخاء.
- لم يمر بتجارب الحاجة أو الجهاد أو القتال.
- يعتبر ما وصل إليه الجيل الأول أمرًا عاديًا.
-
بداية الانحدار:
- هذا الجيل غالبًا يكون بداية ضعف الدولة.
- يكثر فيه التنافس على المناصب.
- تضعف فيه العصبية، وتنشأ الفتن والصراعات الداخلية.
📘 يقول ابن خلدون في "المقدمة":
"إذا بلغ الملك ذروته، وامتد الزمن بالجيل الثالث، تناقصت العصبية، وفترت الهمم، وانصرفوا إلى الترف والنعيم، فتنحل الدولة شيئًا فشيئًا."
📚 مصدر مباشر من "مقدمة ابن خلدون": تحميل المقدمة – المكتبة الوقفية (صفحات الجيل الثالث)
📌 خلاصة: الجيل الثالث هو جيل الضعف، جيل الرفاهية دون تضحية، ويكون من علامات قرب أفول الدولة وسقوطها إذا لم تتجدد فيها قيم الجهاد والعصبية والعدل.
تعريف العصبية
العصبية عند ابن خلدون هي الروابط الاجتماعية التي تجمع بين أفراد جماعة معينة وتدفعهم للاتحاد والولاء تجاه قادتهم أو قبائلهم أو مجموعاتهم الاجتماعية. هذه العصبية هي أساس تماسك الجماعات والقبائل في المجتمع التقليدي، وتعتبر من العوامل الرئيسية التي تؤدي إلى قيام الدول وزوالها.
🔹 عناصر العصبية في فكر ابن خلدون
رأى ابن خلدون أن العصبية لا تنشأ من فراغ، بل تقوم على عناصر محددة تُكوِّن بنيتها وتُغذّي قوتها، وتحدد قدرتها على التمدد أو الضعف.🔸 الأنساب والقرابات: تعتبر الروابط العائلية والنَسَبية الأساس الأول للعصبية.
فحين يتحد الأفراد من أسرة واحدة أو نسب مشترك، تنمو بينهم مشاعر الولاء والدعم المتبادل، مما يخلق تماسكًا يصعب كسره.
🔸 الظروف الاجتماعية والاقتصادية: المجتمعات التي تعاني من الفقر أو تهديدات خارجية تميل إلى بناء تحالفات قائمة على العصبية، حيث يصبح التعاون ضرورة للبقاء، وتزداد أهمية التماسك الداخلي في مواجهة التحديات.
🔸 القيادة القوية: وجود زعيم قوي هو من العوامل الحاسمة لنجاح العصبية.
فالقائد الكفء يوظّف هذه الروح الجماعية ويوجهها نحو البناء والتوسع، ويشكل قطب الرحى في وحدة الجماعة وصعودها السياسي والاجتماعي.
☝️ وبذلك، يرى ابن خلدون أن العصبية لا تقوم فقط على روابط الدم، بل تتقوّى بواقع الناس، وبمن يقودهم، وبما يهددهم أو يجمعهم.
📚 للتوسع: مقدمة ابن خلدون – المكتبة الشاملة
تطور العصبية
🔹 مراحل تطور العصبية عند ابن خلدون
قسّم ابن خلدون تطوّر العصبية إلى ثلاث مراحل رئيسية تعكس مسار صعود الدول ثم تدهورها.🔸 المرحلة الأولى – البداوة والقوة:
🔸 المرحلة الثانية – الاستقرار والتراجع:
🔸 المرحلة الثالثة – الفساد والانهيار:
☝️ لقد رأى ابن خلدون أن هذا المسار لا يختص بدولة بعينها، بل هو سنة اجتماعية تتكرر في كل أمة ما لم تتجدد فيها روح العصبية بالعدل والتجديد.
📚 المصدر للاطلاع الكامل: مقدمة ابن خلدون – المكتبة الشاملة
دور العصبية في صعود وسقوط الأمم
ابن خلدون يرى أن العصبية هي القوة المحركة وراء صعود الأمم والشعوب، فهي التي توحد الأفراد تحت راية واحدة وتمنحهم القوة لمواجهة التحديات.
ومع ذلك، عندما تبدأ الدول في التقدم وتستقر، تصبح العصبية أقل أهمية وتبدأ الدولة في الاعتماد على عوامل أخرى مثل المؤسسات الاقتصادية والعسكرية. وعندما تتراجع العصبية، تبدأ الدولة في الفساد والانهيار.
في كتابه، يتناول ابن خلدون أيضًا كيف أن الدول الجديدة التي تقوم على العصبية القوية تتمكن من توسيع أراضيها والسيطرة على الدول الضعيفة.
لكن مع مرور الوقت، تتعرض هذه العصبية للاهتزاز بسبب التحلل الداخلي وتفشي الفساد، مما يؤدي إلى سقوط الدولة وتفككها.
🔸 تأثير نظرية العصبية لابن خلدون
كانت نظرية العصبية التي وضعها العلامة ابن خلدون في مقدمته من أبرز المحاولات المبكرة لفهم حركة التاريخ وتطور المجتمعات البشرية.📚 المصدر: يمكن قراءة "مقدمة ابن خلدون" كاملة من موقع المكتبة الشاملة:
https://shamela.ws/book/1119/1
📖 مفهوم الشريعة عند ابن خلدون
ابن خلدون لم يكن ينظر إلى الشريعة كأوامر فردية أو عبادات معزولة، بل فهمها على أنها نظام رباني شامل، يُنظّم حياة الإنسان كلها: من العبادة إلى الحكم، ومن السلوك الشخصي إلى بناء الدولة.
🌐 الشريعة: رابط بين الدين والسياسة والعمران
في فكر ابن خلدون:
- الشريعة تؤسس الاجتماع البشري وتضبطه.
- هي الركيزة الأولى لقيام الدولة واستقرار الحكم.
- لا يمكن لأي أمة أن تبني حضارة مستقرة دون مرجعية شرعية تضمن العدالة والحق.
قال ابن خلدون في "المقدمة":
"الشريعة هي ما يُرسّخ قواعد الملك، ويؤسس نظام الاجتماع، ويضبط مصالح العباد في المعاش والمعاد."
🧭 الشريعة إذن، عند ابن خلدون، ليست مجرد طقوس، بل هي خارطة طريق لبناء الإنسان والمجتمع والحضارة.
📚 مصدر موثوق:
🔗 المقدمة – ابن خلدون (بتحقيق علي عبد الواحد وافي)
❖ مراحل تطور العمران عند ابن خلدون: شرح مستفيض ومبسط
يُعدّ ابن خلدون أول من وضع نظرية شاملة لفهم قيام الدول وتطور العمران وسقوط الحضارات، وذلك في كتابه الشهير "المقدمة". وقد قسّم تطور العمران إلى مراحل متسلسلة تمر بها الأمم، تشبه إلى حد كبير حياة الإنسان (ميلاد، شباب، كهولة، ثم شيخوخة ووفاة).
فيما يلي عرض مفصل ومبسّط لكل مرحلة:
✦ المرحلة الأولى: "العمران البدوي" – مرحلة النشأة والقوة
في هذه المرحلة، تعيش الجماعة في البادية أو القرى الصغيرة، ويكون نمط حياتها بسيطًا وقريبًا من الفطرة. يعتمد الناس على القوة والعصبية (أي الانتماء القبلي وروح التضامن)، وتكون أخلاقهم صلبة، لأنهم اعتادوا على الكفاح والصبر والخشونة.
- يتميزون بالشجاعة، والبُعد عن الترف، والاعتماد على النفس.
- الدين يكون حاضرًا بقوة، والناس يحرصون على القيم والأخلاق.
- هذه البيئة تُنتج أبطالًا وزعماء يُقيمون الدولة.
📚 مصدر موثوق: العمران البدوي في مقدمة ابن خلدون – المكتبة الوقفية
✦ 1. يتميزون بالشجاعة، والبُعد عن الترف، والاعتماد على النفس
في بداية العمران، تكون المجتمعات في حالة بداوة وقوة، حيث تُنتج الحياة القاسية رجالًا أشداء يعتمدون على أنفسهم. فهم يعيشون على الكفاف، بعيدًا عن الترف والرخاء، مما يُكسبهم الجرأة، والصبر، والإقدام. هذه البيئة تفرز شخصيات قوية قادرة على تحمّل المصاعب وتحقيق النصر.
قال ابن خلدون في المقدمة:
"وأهل البدو أقرب إلى الشجاعة لأنهم أبعد عن الترف والنعيم..."
📚 المصدر: مقدمة ابن خلدون – المكتبة الوقفية
✦ 2. الدين يكون حاضرًا بقوة، والناس يحرصون على القيم والأخلاق
تتميز هذه المجتمعات بقوة الالتزام الديني، لأنهم يتمسكون بالفطرة والقيم الأصيلة. الدين في هذه المرحلة ليس مجرد شعائر، بل هو مُحرّك للسلوك، ومصدر للثقة، ومقياس للحق. كما تُعتبر الأخلاق حجر الزاوية في العلاقات بين الأفراد، لأنهم يعيشون في بيئة صغيرة ومتضامنة.
قال ابن خلدون:
"الدعوة الدينية تزيد الدولة في أصلها قوة العصبية..."
📘 المصدر: المقدمة – المكتبة الشاملة
✦ 3. هذه البيئة تُنتج أبطالًا وزعماء يُقيمون الدولة
نتيجة لهذه القيم، تظهر في الأمة قيادات قوية وشخصيات ملهمة قادرة على تجميع الناس وتأسيس الدولة. الزعيم لا يُفرَض، بل يُولد من بيئة حقيقية تشهد له بالشجاعة والعدل والغيرة على الدين. لذلك يرى ابن خلدون أن الدولة تبدأ دائمًا من البادية لا من الحضر، لأنها ميدان بناء الرجال.
قال في مقدمته:
"الملك أول الدولة، يكون من أهل العصبية والشوكة..."
🔗 المصدر: مقدمة ابن خلدون – المكتبة الشاملة
✦ المرحلة الثانية: "العمران السياسي" – مرحلة التأسيس والنظام
بعد تجمع الناس ونجاحهم في فرض سلطتهم، تتشكل الدولة بقيادة زعيم قوي، غالبًا ما يكون من قبيلتهم. في هذه المرحلة، تُبنى المؤسسات الإدارية والعسكرية، ويتم تطبيق الشريعة أو قوانين منظمة.
- يُستعمل المال لتنظيم أمور الحكم.
- يبدأ الانتقال من البداوة إلى التحضّر.
- الدولة لا تزال في قوتها، يحكمها العدل والهيبة.
ابن خلدون يرى أن الدولة في هذه المرحلة تُحكَم من قبل رجال أقوياء ذوي إرادة، يعيدون توزيع الثروات وينظمون الجند.
📚 مصدر موثوق: المقدمة – المكتبة الشاملة الحديثة
✦ 1. يُستعمل المال لتنظيم أمور الحكم
بعد أن تُؤسس الدولة وتستقر العصبية، تبدأ الموارد المالية في الازدياد، سواء من الفتوحات أو الضرائب أو التجارة. وهنا لا يعود المال مجرد وسيلة للعيش، بل يُصبح أداة تُستعمل في تنظيم شؤون الحكم: مثل دفع رواتب الجند، وبناء الدواوين، وتمويل الجيوش، وإقامة المؤسسات.
ويُشير ابن خلدون في مقدمته إلى أن هذه المرحلة من تطور العمران تُبنى فيها الدولة على قواعد الإدارة والتنظيم المالي، وهو أمر ضروري لاستمرار الحكم، لكنه يُنذر أحيانًا ببدء الترف إذا لم يُضبط شرعًا وعدلًا.
✦ 2. يبدأ الانتقال من البداوة إلى التحضّر
في هذه المرحلة، تشهد الدولة تحولًا تدريجيًا من البداوة والخشونة إلى التحضّر والمدنية. تظهر المدن، وتُبنى القصور، وتنتشر الأسواق، ويستقر الناس بعد أن كانوا رُحّلًا. تبدأ المظاهر الثقافية بالظهور مثل التعليم والفن والعمران.
وقد وصف ابن خلدون هذا الانتقال في نظريته عن العمران بأنه بداية ظهور الترف والراحة، ولكنه طبيعي في سياق تطور الدولة، بشرط ألا يُضعف القيم الدينية والصلابة النفسية التي نشأت بها الجماعة.
✦ 3. الدولة لا تزال في قوتها، يحكمها العدل والهيبة
رغم التحول العمراني، لا تزال الدولة في أوج قوتها، لأنها تُحكم بالعقل والتخطيط، وتُدار وفقًا للعدل والهيبة. فلا يزال الحكام حازمين، يفرضون النظام، ويصونون القيم، ويُهابون من قبل الأعداء والخصوم.
ويؤكد ابن خلدون في مقدمته أن العدل أساس الملك، وأن قوة الدولة في هذه المرحلة نابعة من توازن العصبية والحكم الشرعي، حيث تسود المهابة وتُقام الحدود، ويزدهر العمران مع بقاء الدين حاضرًا في وجدان الأمة.
✦ المرحلة الثالثة: "العمران الحضري" – مرحلة الرفاهية والترف
مع الوقت، تنتقل الدولة إلى طور التحضّر الكامل، وتُبنى المدن، وتزدهر الفنون، والصناعات، والتعليم، ويتوسع العمران وتُقام القصور والأسواق. هنا تبدأ مظاهر الترف والرفاهية تظهر في حياة الحاكم والشعب.
- يكثر الاعتماد على المال بدل القوة.
- تنشط الصناعات والفنون، لكن الروح القتالية تضعف.
- يبدأ الجيل الجديد في الابتعاد عن حياة الأجداد الصعبة.
في هذه المرحلة، يرى ابن خلدون أن الحضارة تدخل مرحلة "الزينة"، وتبدأ عناصر الفساد الداخلي في الظهور.
📚 مصدر موثوق: العمران الحضري – الموسوعة الجزائرية للدراسات
✦ 1. يكثر الاعتماد على المال بدل القوة
في هذه المرحلة، تميل الدولة إلى الاعتماد على المال في تسيير شؤونها أكثر من اعتمادها على العصبية أو القوة العسكرية. فبدلًا من أن يحمي الحاكم دولته برجالٍ أقوياء نشأوا على الشدة، يُوظف الجند بالمال، ويُشترى الولاء بالهبات والعطايا.
هذا التحول، كما يُحذّر ابن خلدون في مقدمته، يجعل الدولة عرضة للانهيار، لأن الجيوش المدفوعة قد لا تملك الحمية التي يمتلكها أهل العصبية، ويُصبح الحاكم رهينًا للمال، لا للقوة الحقيقية.
✦ 2. تنشط الصناعات والفنون، لكن الروح القتالية تضعف
يظهر في هذه المرحلة ازدهار الصناعات الدقيقة والفنون والعمارة والترف، فتُبنى القصور، وتُقام الحفلات، وتُزخرف المدن. لكن هذه المظاهر – رغم جمالها – تُضعف الروح القتالية تدريجيًا، إذ يُستبدل الجهاد بالراحة، وتُستبدل الحمية بالزينة.
وقد وصف ابن خلدون هذه الظاهرة بدقة في مقدمته، مُشيرًا إلى أن الحضارة إذا لم تُضبط بالشرع والخلق، أدّت إلى الترف، وهو السبب المباشر في فساد الدول وسقوطها بعد قوة.
✦ 3. يبدأ الجيل الجديد في الابتعاد عن حياة الأجداد الصعبة
يُلاحظ في هذا الطور أن الجيل الجديد لم يعُد يتحمّل الصعوبات كما فعل آباؤه، فقد نشأ في بيئة مترفة، ولم يذق خشونة الحياة ولا لذّة الكدّ والتعب. فيُصبح أكثر ميلاً للراحة والنعومة، وأقل التزامًا بروح العصبية والجهاد.
يقول ابن خلدون في مقدمته:
"والجيل الثالث يقلّد من قبله في ذلك، ويجد صورة أحوالهم كأنها حقيقية، ولا يعرف أصلها، ولا يتحقق طعمها، ويكون اقتباسه إياها تقليدًا لا ملكة."
أي أن الأجيال المتأخرة تتقمص صورة الرجولة والبطولة، دون أن تمتلك حقيقتها، مما يُمهّد لضعف الدولة وسقوطها.
✦ المرحلة الرابعة: "الضعف والانحلال" – مرحلة فقدان العصبية
في هذه المرحلة، تبدأ الدولة في الانحدار التدريجي. تضعف العصبية، ويبدأ الحكام في الاعتماد على المرتزقة، ويُهمل العدل، وتظهر الضرائب الجائرة، ويعم الظلم والفساد.
- الحاكم يهتم بملذاته ويُقصي أهل الكفاءة.
- الخوف على المناصب يؤدي إلى قمع الناس.
- العصبية تنهار، والشعوب تفقد ثقتها بالدولة.
ابن خلدون يؤكد أن ما يهدم الدول ليس الغزو الخارجي فقط، بل الفساد الداخلي، وضعف البنية الاجتماعية والسياسية.
📚 مصدر موثوق: مقدمة ابن خلدون – المكتبة الإسلامية
✦ 1. الحاكم يهتم بملذاته ويُقصي أهل الكفاءة
في هذه المرحلة الأخيرة، يُصبح الحاكم منصرفًا إلى ملذاته وشهواته، فيُكثر من الترف والبذخ واللهو، ويتخذ قراراته بناءً على الهوى لا على المصلحة العامة. ولحماية سلطته، يُقصي أهل الكفاءة والخبرة، ويُقرّب المنافقين والضعفاء الذين لا يُعارضونه.
وقد وصف ابن خلدون هذه الحالة في مقدمته قائلًا:
"إذا فقدت الدولة الحزم والصرامة في الحكم، ومال السلطان إلى الراحة واللذّات، فسد أمرها، وسقطت هيبتها، واضمحلت سريعًا."
وهكذا يتحول الحكم إلى وسيلة شخصية لإشباع الأهواء، مما يُفقد الدولة توازنها.
✦ 2. الخوف على المناصب يؤدي إلى قمع الناس
مع ضعف الحكم واحتكار السلطة، يُصبح الخوف من فقدان المنصب هو المحرك الأساسي للحاكم وأعوانه. ولكي يُحكم قبضته، يلجأ إلى قمع المعارضين وتكميم الأفواه، ويتوسع في التجسس والبطش، حتى يعيش الناس في خوفٍ دائم.
وقد أشار ابن خلدون في مقدمته إلى أن هذا الاستبداد يُفسد العمران، ويمنع الناس من العمل والإنتاج، ويؤدي إلى الخراب العام، لأن العدل يُزيل الخوف، والظلم يولّد الرعب والضعف.
✦ 3. العصبية تنهار، والشعوب تفقد ثقتها بالدولة
عندما يطول القمع، ويُهمّش أهل الدين والرأي، وتُهدر الكرامات، تنهار العصبية التي كانت أساس الدولة، ويشعر الناس أن الحاكم لا يُمثلهم ولا يُدافع عنهم. فيفقد المجتمع ثقته في الدولة، وتبدأ علامات السقوط.
وقد صرّح ابن خلدون في مقدمته بأن العصبية إذا فترت، والدولة لم تجددها، وقعت في الضعف والانهيار، لأن البنيان لا يصمد إذا انكسر الأساس الذي أُقيم عليه.
ويُصبح الناس في هذه المرحلة ينتظرون التغيير، ويتهيأون لقبول أي قوّة جديدة تُعيد لهم الأمن والكرامة.
✦ المرحلة الخامسة: "الانهيار والزوال" – نهاية الدولة
في هذه المرحلة الأخيرة، تصبح الدولة ضعيفة متهالكة، ولا تملك القدرة على الدفاع عن نفسها. ينقسم الناس، وتزداد الفتن الداخلية، ويستعد أعداؤها للغزو.
- الترف المفرط يفسد الأخلاق والقيم.
- الجيش يفقد الولاء والقدرة.
- تظهر دولة أو قبيلة جديدة، تُطيح بها وتبدأ دورة جديدة.
هنا تنتهي الدولة كما تنتهي حياة الإنسان، ويبدأ عمران جديد على يد جماعة أخرى أكثر صلابة، وتُعاد الدورة من جديد.
📚 مصدر موثوق: قراءة تحليلية لمراحل الدولة عند ابن خلدون – مركز نماء
✦ 1. الترف المفرط يفسد الأخلاق والقيم
حين تبلغ الدولة أقصى درجات الترف، يتحول الترف من وسيلة راحة إلى سبب للفساد والانحلال. يعتاد الناس الكسل والراحة، وتضعف القيم، وتُنسى المبادئ التي قامت عليها الدولة في بدايتها. ينتشر الظلم، وتفشو الرشوة، وتختل الموازين الأخلاقية.
وقد قال ابن خلدون في مقدمته:
"الترف مفسدٌ للخلق، ومُضعفٌ للعزائم، وموجبٌ للانحلال والكسل، والدعة، والتواكل."
فالترف يُميت النخوة، ويحول الشعوب إلى أفراد ضعفاء لا يُحسنون الدفاع عن أوطانهم ولا الوقوف أمام الفساد.
✦ 2. الجيش يفقد الولاء والقدرة
بما أن الجيل الأخير نشأ في بيئة مرفهة، فإن الجيش أيضًا يفقد روح الجهاد والبذل، ولا يملك الحمية التي كانت عند الآباء. يُصبح الجند مجرد موظفين يتقاضون رواتبهم، ويعملون للحفاظ على مصالحهم الشخصية، لا لحماية الدين والدولة.
ويوضح ابن خلدون في مقدمته:
"إذا فسدت العصبية، وفسد الجند، لم تقم للدولة قائمة، ولم تلبث أن تسقط."
فغياب الولاء الحقيقي يعني أن الجيش قد ينقلب على الحاكم نفسه، أو يُسلّم البلاد لغيره عند أول هجوم خارجي.
✦ 3. تظهر دولة أو قبيلة جديدة، تُطيح بها وتبدأ دورة جديدة
عند هذه النقطة، تكون الدولة قد استُنفدت قواها. فتنشأ في الأفق قوة جديدة تحمل عصبية فتية، ونفسًا حيويًا نشيطًا، وتتحرك للإطاحة بالحكم الضعيف، كما حصل مرارًا في التاريخ الإسلامي.
وقد وصف ابن خلدون هذه المرحلة في مقدمته قائلًا:
"وتنهض دولة جديدة على أنقاض الدولة القديمة، وتعود الدورة من جديد، فيبدأ البأس، ثم الملك، فالترف، فالفساد، فالخراب."
وهكذا تتكرر دورة العمران التي رآها ابن خلدون سنّة اجتماعية، لا تتخلّف إلا إن عاد الناس إلى الدين والعدل والصدق.
✦ خلاصة: عبقرية ابن خلدون في فهم التاريخ
نظرية العمران عند ابن خلدون لم تكن مجرد سرد لتاريخ الدول، بل كانت تحليلًا دقيقًا لطبيعة الإنسان والمجتمع. وقد سبق بها علماء الغرب بأربعة قرون في تأسيس ما يُعرف الآن بـ"علم الاجتماع السياسي" و"الفلسفة التاريخية".
وقد قال عنه المستشرقون:
"ابن خلدون هو أعظم عقل ظهر في الإسلام، وربما في التاريخ كله قبل عصر النهضة الأوروبية" – المؤرخ "أرنولد توينبي".
✦ للمزيد من القراءة:
- 📘 تحميل كتاب "مقدمة ابن خلدون" PDF – المكتبة الوقفية
- 📘 شرح المقدمة – د. طه عبد الرحمن
- 📘 مقدمة ابن خلدون – قراءة معاصرة (جامعة القاهرة)
تفسير قول ابن خلدون:
"لا تتخلّف إلا إن عاد الناس إلى الدين والعدل والصدق."
في سياق دورة العمران التي وصفها ابن خلدون، تستمر الدول وتزدهر طالما بقيت قائمة على ثلاث ركائز أساسية:
-
الدين:
الدين هنا ليس فقط في طقوسه، بل في قيمه وتعاليمه التي تحض على الأخلاق والعدل والاجتماع. وجود الدين يقوّي الروابط الاجتماعية، ويغذي شعور الانتماء والولاء بين الناس، ويحد من الفساد والتفكك. -
العدل:
العدل هو الضمان لاستقرار الحكم وقبول الناس له، وهو السبيل لمنع استبداد الحاكم أو الظلم الذي يؤدي إلى تمزق الدولة. عندما يكون الحاكم عادلاً، تُحترم القوانين، وتنتظم الأمور، ويشعر الناس بالأمان. -
الصدق:
الصدق يُعني الشفافية، ونقاء النوايا، وأمانة المسؤولين، مما يرسخ الثقة بين الحاكم والمحكومين. غياب الصدق يؤدي إلى الفساد، والخداع، وضعف الدولة.
كيف تعود الدول إلى هذه القيم؟
عندما تنهار دولة بسبب الضعف أو الفساد، فإن دورة العمران تستمر، فتظهر قبيلة أو جماعة جديدة تعود إلى هذه المبادئ الثلاثة — الدين والعدل والصدق — لتأسيس دولة جديدة، وهذا هو سر استمرار الحضارات.
ابن خلدون يقول في مقدمته:
"ولا تتخلّف الأمم عن دوراتها وسننها إلا إذا عاد الناس إلى الدين والعدل والصدق، فتقوم لهم دولة جديدة…"
الدول تسقط عندما تغيب هذه القيم، وتبقى أو تُعاد إلى الحياة حين تُستعاد.
إنها سنة اجتماعية ثابتة في نظر ابن خلدون، وسبب رئيسي لبقاء العمران أو انحطاطه.
شرح أعمق لمفهوم العودة إلى الدين والعدل والصدق مع أمثلة تاريخية
1. الدين كأساس للاستقرار والنهضة
الدين هو الرابط الروحي والاجتماعي الذي يوحد الناس ويقوي أواصر الجماعة. عندما يبتعد الناس عن الدين، يتفكك المجتمع وتضعف العصبية التي تجمع أفراد الدولة. لكن عندما يعود الناس إلى القيم الدينية، تعود الروح الجماعية والحماس لبناء الدولة.
مثال تاريخي:
عندما شهدت الدولة العباسية ضعفًا داخليًا وفسادًا، ظهرت حركة الإصلاح الديني والأخلاقي التي قادها علماء مثل الإمام أحمد بن حنبل، الذين دعوا للتمسك بالقيم الدينية الصادقة والعدل في الحكم، مما أعاد بعض القوة للمجتمع.
رابط حول دور الدين في استقرار الدول:
مقدمة ابن خلدون - المكتبة الوقفية
2. العدل كركيزة للحكم المستقر
العدل يضمن توزيع الحقوق ويحفظ للأفراد مكانتهم ويمنع استبداد الحاكم. في غياب العدل، ينتشر الظلم والفساد، مما يؤدي إلى ضعف الدولة وانهيارها. عندما يعود الحاكم والشعب إلى تطبيق العدل، تستعيد الدولة قوتها وتوازنها.
مثال تاريخي:
الدولة الفاطمية في مصر، عندما اعتمدت على العدل وسيادة القانون، شهدت فترة من الاستقرار والازدهار الاقتصادي والاجتماعي. أما عندما بدأ الفساد ينتشر، بدأت الدولة تفقد السيطرة.
رابط حول العدل في الدولة:
العدل وأثره في استقرار الدولة - موقع الباحثون
3. الصدق والثقة كأساس للعمل الجماعي
الصدق في الحكم والإدارة يبني الثقة بين الحاكم والمحكومين، ويمنع الفساد والانقسامات الداخلية. غياب الصدق يفتح الباب للخيانة والتمرد، مما يؤدي إلى انهيار الدولة.
مثال تاريخي:
في الدولة العثمانية، فترة الإصلاحات التي بدأت في القرن 19 كانت محاولة لاستعادة الصدق والشفافية في الإدارة، مما ساعد في إحياء الدولة رغم التحديات الكبيرة.
رابط عن أهمية الصدق في الحكم:
الصدق في الحكم - مجلة الفكر الإسلامي
خلاصة
دورة العمران عند ابن خلدون ليست مجرد نظرية بل تعبير عن واقع مرّ به التاريخ الإسلامي والعالمي. الدول تنهض بعودة الناس إلى:
- التمسك القوي بالدين،
- إقامة العدل في الحكم،
- والصدق في التعاملات.
وعندما تغيب هذه القيم، تبدأ دورة السقوط، لتبدأ من جديد بدولة جديدة أو حركة إصلاح تعيد هذه القيم.
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليقك و أي استفسارات لتعم الفائدة