التربية والتعليم في الإسلام: بناء الإنسان الصالح والنافع للمجتمع
1. 📚 حديث: "طلبُ العلم فريضةٌ على كلِّ مسلم"
النص:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"طلبُ العلم فريضةٌ على كلِّ مسلمٍ."
📘 رواه ابن ماجه (حديث رقم 224)، وصححه بعض أهل العلم.
📎 رابط الحديث على موقع الدرر السنية
📖 الشرح:
يُوضح هذا الحديث الشريف أن طلب العلم واجب ديني على كل مسلم، وليس مقصورًا على العلماء أو طلبة الشريعة.
والمراد بالعلم هنا أولًا: العلم الذي لا يُعذر المسلم بجهله، مثل:
- أركان الإسلام والإيمان.
- كيفية أداء الصلاة والصيام والزكاة.
- أحكام الحلال والحرام التي يحتاجها في حياته اليومية.
ثم يأتي بعد ذلك التوسّع في العلم بحسب القدرة والاحتياج.
💡 مثال واقعي عملي:
شاب يعمل في التجارة الإلكترونية، من واجبه أن يتعلم:
- أحكام البيع والشراء.
- شروط صحة العقد.
- ما يجوز وما لا يجوز شرعًا (كالتعامل بالربا أو الغرر).
فإذا التزم بتعلّم هذه الأمور، فهو يؤدي فرضًا شرعيًّا. أما إن تعامل بالجهل فوقع في محرم، فهو مسؤول أمام الله تعالى.
✍️ مثال آخر: فتاة تريد لبس الحجاب الشرعي، من واجبها أن تتعلّم شروط الحجاب الصحيح من مصادر موثوقة، لا من وسائل التواصل أو العادات فقط.
🎯 خلاصة:
طلب العلم عبادة وقُربة، وهو بوابة للعمل الصالح والنجاة في الدنيا والآخرة. فمن أراد الله به خيرًا، وفّقه لطلب العلم.
2. 🟢 حديث: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنة."
النص:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم قال:"من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنة."
📘 رواه مسلم، حديث رقم [2699]
📎 رابط الحديث على موقع الدرر السنية
📖 الشرح الدقيق:
هذا الحديث يقرر قاعدة عظيمة: أن السعي في طلب العلم الشرعي طريق موصل إلى الجنة.
ولفظ "سَهَّل الله له" يدل على التيسير في الدنيا والآخرة، والتوفيق لطريق الهداية.
ويشمل هذا السعي حضور حلقات العلم، وطلب الفهم، والتعلم من العلماء، بل حتى المشقة المحتملة في هذا الطريق داخلة في هذا الفضل، إذا صحّت النية.
💡 مثال واقعي من سيرة الصحابة:
عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، كان يقول:
"كنت آتي الرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فأسأله عن الحديث، فيقول لي: تجلس؟ فأقول: لا، بل أنا أجلس عند بابك، حتى تخرج."
📘 [مصنف ابن أبي شيبة، رقم 30467 – بإسناد حسن]
ومع مكانته ونسبه القريب من النبي محمد صلى اللّه عليه وسلّم، كان ينام عند أبواب العلماء من الصحابة في الحر والغبار، ولا يستنكف أن يطلب العلم ولو كان صغير السن، وكان يقول:
"هكذا كان يؤتى العلم."
📌 الفائدة العملية:
طلب العلم يحتاج إلى تواضع، وصبر، ونية صادقة، كما كان حال الصحابة.
ومن أراد أن يخطو على طريقهم فليبدأ بالتعلم شيئًا فشيئًا: قراءة تفسير، أو حفظ حديث، أو حضور درس، فإن الخطوة الصادقة يُباركها الله.
3. 🟢 حديث: "خيركم من تعلم القرآن وعلّمه"
النص:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال:قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم:
"خيركم من تعلم القرآن وعلّمه."
📘 رواه البخاري، حديث رقم [5027]
📎 رابط الحديث على موقع الدرر السنية
📖 الشرح الدقيق:
هذا الحديث الشريف يُبين أن من أعظم وجوه الخير في الإسلام: تعلم القرآن الكريم وتعليمه للناس.
فالعناية بالقرآن حفظًا وتدبرًا وتعليمًا هي من الأعمال التي ترفع درجات المسلم وتجعله من "خير الناس" بنص النبي ﷺ.
والخيرية هنا ليست مقتصرة على الحفظ فقط، بل تشمل الفهم والتدبر والحرص على نشر القرآن بسلوك عملي وأخلاقي أيضًا.
💡 مثال واقعي من سيرة الصحابة:
أبو عبد الرحمن السلمي رحمه الله، من التابعين الكبار، روى هذا الحديث عن الصحابي عثمان بن عفّان رضي الله عنه، وكان يقول:
"هذا الذي أقعدني مقعدي هذا"
أي أنه جلس يعلّم الناس القرآن في مسجد الكوفة أربعين سنة، امتثالًا لهذا الحديث.
وكان يحرص على تعليم القرآن بنفس الطريقة التي تلقاها من الصحابة، بتدبر وتدرّج.
📌 الفائدة العملية:
- إن كنت لا تحفظ القرآن بعد، فابدأ اليوم بآية واحدة يوميًا.
- وإن كنت تحفظ، فحاول أن تُعلّم غيرك: ابنك، أخاك، أو صديقك.
- لا يشترط أن تكون شيخًا أو إمامًا، بل يمكنك أن تُعلم الناس ما تعلمت، ولو كان قليلًا.
فكل خطوة صادقة نحو القرآن هي خطوة نحو الخيرية والرضا الإلهي.
4.🔹 نص الحديث:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لا يشكر الناس لا يشكر الله."
🔹 التخريج والتحقيق:
- رواه الإمام أحمد في "المسند" (مسند أبي سعيد الخدري، رقم: 11562).
- رواه أبو داود في "السنن" (حديث رقم: 4811).
- رواه الترمذي في "السنن" (حديث رقم: 1954).
- وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح."
- صححه الألباني في "صحيح الجامع" (حديث رقم: 6611) و"صحيح سنن أبي داود".
✅ الحكم على الحديث:
- الحديث صحيح بشهادة الإمام الترمذي والشيخ الألباني.
- سنده جيد، ورجاله ثقات، كما بيّن أهل الحديث.
📚 شواهد الحديث:
ورد بألفاظ متعددة كلها صحيحة المعنى، منها:
"لا يشكر اللهَ من لا يشكر الناس."
رواه أبو داود وصححه الألباني أيضًا.
📝 الفائدة:
هذا الحديث من الأحاديث المقبولة الصحيحة، ومضمونه من القواعد الأخلاقية الكبرى في الإسلام، وهو مستعمل عند العلماء والدعاة والفقهاء.
موقع الدرر السنية،
5.🔹 الحديث:
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال:
قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم:
"إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويضع به آخرين."
رواه مسلم (817)
🔹 الشرح:
يبين هذا الحديث الشريف أن القرآن الكريم هو ميزان الرفعة والكرامة عند الله تعالى، فمن أقبل عليه قراءةً وتدبّرًا وعملاً، رفعه الله في الدنيا والآخرة، ومن أعرض عنه أو أهمله، فقد وضعه الله وأذله، ولو كان ذا جاه أو مال.
🔹 مثال واقعي من سيرة الصحابة:
عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولّى عبد الله بن مسعود القضاء والتعليم في الكوفة، مع أنه لم يكن من أصحاب الثراء أو النسب العالي، بل لأنه كان من أكثر الصحابة فقهًا بالقرآن. وقال فيه عمر:
"كِنيفٌ مُلئ علمًا."
وهذا من آثار رفع الله لعباده بالقرآن.
📌 الفائدة العملية:
على المسلم أن يجعل علاقته بالقرآن علاقة تعلم وتعليم، تلاوة وتدبّر، لا علاقة هجر ونسيان. فكل من حفظه وعمل به وعلم غيره نال الرفعة والفضل، سواء كان صغيرًا أو كبيرًا، عالمًا أو عاميًا.
6.🔹 الحديث:
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"بلغوا عني ولو آية."
رواه البخاري (حديث رقم 3461)
🔹 الشرح:
في هذا الحديث الشريف يُوجه النبي صلى الله عليه وسلم الأمة إلى تبليغ ما تعلّموه من الوحي، ولو كان قليلاً. فليس من شرط الدعوة أن يكون المرء عالمًا كبيرًا، بل إن المسلم إذا عَلِم آيةً واحدةً، وفهمها على وجهها الصحيح، فله أن يُبلّغها لغيره، بشرط الصدق والأمانة، دون تحريف أو تجاوز.
فالتبليغ لا يعني الخطابة أو الكتابة فقط، بل يشمل النصح، والتذكير، والرد على الخطأ، وتعليم الأبناء، وغيرها من الوسائل.
🔹 مثال من سيرة الصحابة:
كان الصحابي مصعب بن عمير رضي الله عنه أول مبعوث من النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة لنشر الإسلام، ولم يكن وقتها من كبار العلماء، لكنه بلّغ ما علمه من آيات وأحكام، فكان سببًا في إسلام كثير من أهل المدينة، حتى سُمي: المقرئ.
📌 الفائدة العملية:
لكل مسلم ومسلمة دور في نشر الخير، فلو تعلّمت حديثًا أو آية، فشاركها مع أهلك، أو عبر منشور، أو في جلسة مع صديق. فالدين بُني على البلاغ والصدق، والله يبارك في القليل الصادق إذا صَحّت النية.
7.🔹 الحديث:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم:
"من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا."
رواه مسلم – صحيح مسلم، حديث رقم 2674
🔹 الشرح:
يُوضح هذا الحديث الشريف عظيم فضل من يدعو الناس إلى الخير والحق، سواء بتعليم علم نافع، أو دعوة إلى عبادة، أو توجيه إلى خلق كريم. فإن الداعي يُكتب له مثل أجر كل من اهتدى أو عمل بتلك الدعوة، دون أن يُنقص من أجورهم شيء، فيكون الأجر مضاعفًا بفضل الله وعدله.
وهذا الحديث يُحفّز المسلم على الإسهام في نشر الخير، بالكلمة، أو التعليم، أو التوجيه، ولو بشيء يسير.
🔹 مثال من سيرة الصحابة:
كان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حريصًا على تعليم الناس القرآن والسنة، وكان يقول: "والذي لا إله غيره ما من آية في كتاب الله إلا وأنا أعلم فيم نزلت، وأين نزلت، ولو أعلم أحدًا أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لأتيته."
وقد تخرج على يديه عدد من التابعين الذين صاروا من كبار العلماء، فكان له أجرهم وأجر من علّموهم بعده.
📌 الفائدة العملية:
إذا نشرت حديثًا صحيحًا بشرح موثوق، أو دللت أحدًا على طاعة، أو علّمت غيرك أمرًا نافعًا، نالك الأجر متى ما عمل به أحد، حتى بعد موتك. فاستثمر وقتك في تعليم الخير، واحرص على تحري الصدق والأمانة في كل ما تُبلّغ.
8.🔹 الحديث:
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:
قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم:
"لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالًا فسلّطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلّمها."
رواه البخاري ومسلم –
📘 صحيح البخاري، حديث رقم 73
📘 صحيح مسلم، حديث رقم 816
🔹 الشرح:
في هذا الحديث الشريف يُبيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن الغبطة ـ وهي تمني الخير دون زواله عن صاحبه ـ لا تكون محمودة إلا في حالتين:
- الأولى: رجلٌ آتاه الله مالًا كثيرًا فأنفقه في وجوه الخير والبر.
- الثانية: رجلٌ رزقه الله الحكمة والعلم، فكان يقضي بين الناس بالحق، ويُعلّمهم العلم النافع.
والعلم هنا يشمل علم الشريعة، والعدل في الأحكام، والتبصير في الدين. ومن رزق هذا، فهو على فضل عظيم، يُغبط عليه، لا لحب الرياسة، ولكن لعظيم النفع المتعدي إلى غيره.
🔹 مثال من سيرة السلف:
كان القاضي شريح رحمه الله من التابعين، عُرف بحكمته وعدله وعلمه، حتى قال فيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "ما رأيت قاضيًا أعدل من شريح."
وكان يُعلّم أصحابه كيف يتحرّون العدل في أحكامهم، ويُكثر من التوجيه، فصار مرجعًا للعلم والفتوى، فدخل في هذا الحديث من بابه الواسع: الحكمة والقضاء والتعليم.
📌 الفائدة العملية:
إن تعليم الناس الحكمة، أو الفهم الصحيح للدين، أو الفصل في الأمور بالعدل، هو من أشرف الأعمال التي يُحبها الله، ويغبط عليها العبد.
فاجتهد أن تتعلم وتُعلّم، لا للمدح أو السمعة، بل لأن الحكمة هبةٌ من الله، ومِن شكرها أن تُبذَل للناس.
9.🔹 الحديث:
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال:
قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم:
"العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر."
📘 رواه الترمذي (حديث رقم 2682) وأبو داود (حديث رقم 3641)
🔗 رابط الحديث على موقع الدرر السنية
🔹 الشرح:
يُخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن العلماء الحقيقيين هم الوارثون للأنبياء، ليس في المال أو الجاه، بل في أعظم ما خُلّف، وهو العلم الشرعي الذي يُهدي إلى الله، ويُصلح القلوب والمجتمعات.
فالأنبياء ما تركوا أموالًا ولا متاعًا دنيويًا، وإنما ورّثوا العلم الذي هو نورٌ في الدنيا، وزادٌ للآخرة، ودليلٌ للسالك إلى الله.
ومن نال شيئًا من هذا العلم، وكان صادقًا في تعلّمه وتعليمه، فقد نال حظًا عظيمًا من الخير، كما عبّر الحديث.
🔹 مثال من سيرة السلف:
كان الإمام الشافعي رحمه الله من أبرز العلماء الذين جمعوا بين العلم والعمل، حتى قال فيه الإمام أحمد: "ما رأت عيناي مثل الشافعي."
لم يكن غنيًا بمال، بل كان غنيًا بالعلم، حتى ورث عن من سبقه من العلماء ما يشبه إرث الأنبياء: علمًا، فقهًا، هديًا، ورحمةً بالخلق.
فهو نموذج حي لوارث حقيقي للعلم النبوي.
📌 الفائدة العملية:
من أراد أن يكون قريبًا من مقام الأنبياء، فليحرص على طلب العلم الشرعي، وتعليمه للناس بنيّة خالصة.
سواء كنت طالبًا أو معلّمًا أو أبًا أو داعيةً بسيطًا، فإنك حين تنشر العلم الصحيح، فأنت في طريق الأنبياء، ولك أجر من اقتدى بك.
10.🔹 الحديث:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال:
قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم:
"إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له."
📘 رواه مسلم (حديث رقم 1631)
🔗 رابط الحديث على موقع الدرر السنية
🔹 الشرح:
هذا الحديث الشريف يُبيّن أن عمل الإنسان ينقطع بموته، فلا تُكتب له حسنات بعد وفاته، إلا من ثلاثة أبواب مستمرة النفع:
- صدقة جارية: كوقفٍ أو بناء مسجد أو حفر بئر.
- علم يُنتفع به: وهو كل علم نافع تركه الإنسان، سواء عبر كتب، أو تعليم مباشر، أو نصائح وفتاوى.
- ولد صالح يدعو له: أي ابن بارّ يُكثر من الدعاء والاستغفار له بعد موته.
ومن بين هذه الثلاثة، فإن العلم هو من أعظمها أثرًا، لأن نفعه متعدٍّ إلى أجيال متعاقبة، طالما بقي الناس يعملون به.
🔹 مثال من سيرة السلف:
كان الإمام ابن حجر العسقلاني رحمه الله، قد ألّف كتابه الشهير فتح الباري شرح صحيح البخاري، الذي يُعد مرجعًا أساسيًا في شرح الحديث حتى يومنا هذا.
رغم مرور أكثر من 500 عام على وفاته، لا يزال الناس يقرؤون هذا العلم، ويستفيدون منه، ويعلّمونه، ويُدرّس في الجامعات والمساجد.
فكل من استفاد منه، فله أجر، ولابن حجر مثل أجره، بإذن الله.
📌 الفائدة العملية:
ليس بالضرورة أن تكون عالِمًا كبيرًا حتى تنال هذا الأجر، فكل من نقل علمًا نافعًا، كأن تُعلّم طفلًا الفاتحة، أو تكتب مقالًا نافعًا، أو تشارك تفسير آية صحيحة—فأنت بذلك تزرع علمًا يبقى بعد موتك، ويُكتب لك أجره.
ابدأ اليوم بما تقدر عليه، فلعلّ الله يُبارك في القليل ويجعله من أعظم أعمالك بعد وفاتك.
11.🔹 الحديث:
عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه قال:
قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم:
"من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين."
📘 رواه البخاري ومسلم
🔗 رابط الحديث على موقع الدرر السنية
🔹 الشرح:
هذا الحديث الشريف يُخبرنا أن من علامات الخير التي يُراد بها العبد أن يفتح الله له باب الفقه في الدين، أي أن يُلهمه فهم الأحكام الشرعية، ويُحبّب إليه العلم، وييسّر له سبل التعلم والتفكر والتدبر.
وليس المقصود بالفقه فقط معرفة الفتاوى، بل يشمل أيضًا فهم العقيدة، والعبادات، والمعاملات، وسلوك الطريق الصحيح في طلب الحق والابتعاد عن البدع والجهل.
وهذا دليل واضح على أن طلب العلم الشرعي ليس مجرد عمل إضافي، بل هو علامة توفيق من الله، وسبب لرفعة العبد في الدنيا والآخرة.
🔹 مثال من سيرة السلف:
كان عبد الله بن عباس رضي الله عنهما شابًا صغيرًا حين تُوفي النبي صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك طلب العلم بإصرار، فكان يقول:
"إنّي كنت آتي الرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسأله عن الحديث، فربما أجد الباب مغلقًا، فأتوسد ردائي على بابه حتى يخرج."
حتى صار يُلقب بـ"ترجمان القرآن" من شدّة علمه وفهمه.
📌 الفائدة العملية:
إذا رأيت من نفسك أو من ولدك أو من أحد من الناس حبًا للعلم الشرعي، وحرصًا على الفهم، والرغبة في السؤال والتعلُّم، فهذه علامة خير عظيمة.
فاستمر، وادعم هذا الطريق، وتذكّر أن الفقه في الدين لا يحتاج شهادات بقدر ما يحتاج إخلاصًا، وصبرًا، واتباعًا صحيحًا.
ابدأ بما تيسّر لك—درّس، احضر دروسًا، تابع أهل العلم، وكن من طلاب الآخرة.
12.🔹 الحديث:
قال رسول الله محمد صلى اللّه عليه وسلّم:
"من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين."
📘 رواه البخاري ومسلم
🔗 رابط الحديث في موقع الدرر السنية
🔹 الشرح:
هذا الحديث الشريف يُبيّن أن من أوضح علامات التوفيق والفضل من الله تعالى أن يرزق العبد فهمًا عميقًا في الدين.
فـ"الفقه" هنا لا يقتصر على معرفة الأحكام، بل يشمل:
- إدراك معاني القرآن والسنة.
- معرفة الحلال والحرام.
- الفهم الصحيح للعقيدة والعبادة والسلوك.
فمن وجد في نفسه حبًا للعلم، ورغبةً في فهم دينه والعمل به، فليحمد الله، فذلك علامة خير أراده الله به.
وقد بيّن العلماء أن الفقه في الدين يسبق القول والعمل؛ لأنه يُصلح النية ويوجه العمل في طريقه الصحيح.
🔹 مثال واقعي من السلف:
كان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه من أوائل من أسلم، ولم يكن من كبار الصحابة في المكانة القبلية، لكن بسبب علمه وفقهه رفعه الله، حتى قال عنه عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
"كنيفٌ مُلئ علمًا" أي وِعاء مليء بالعلم.
وكان يقول:
"ما من آية في كتاب الله إلا وأنا أعلم أين نزلت، وفيمَ نزلت، ولو أعلم أحدًا أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لأتيته."
📌 الفائدة العملية:
إذا أردت لنفسك الخير، فابدأ بطلب العلم:
– تعلّم القرآن بتفسيره.
– استمع لأحاديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم من مصادر موثوقة.
– اقرأ كتب العلماء الثقات.
– اسأل وتعلّم ولا تستحِ من السؤال.
وتذكّر: ليس الفقيه من كثر حفظه فقط، بل من عقلَ عن الله أمره، وامتثل بعلمه، ونفع غيره.
13.🔹 الحديث:
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال:
قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم:
"مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضًا، فكان منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس، فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلّم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسًا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به."
📚 رواه البخاري (حديث رقم 79) ومسلم (2282)
🔹 الشرح:
في هذا الحديث الشريف، يضرب النبي محمد صلى اللّه عليه وسلّم مثلاً بليغًا لبيان أثر العلم الشرعي في الناس، وكيف تختلف قلوبهم في الاستجابة له:
- فمنهم من يتعلم وينتفع ويعلّم غيره: كالطين الطيب الذي يمتص الماء ويُخرج النبات.
- ومنهم من يحفظ العلم وإن لم يعمل به كثيرًا، لكنه ينقله للناس: كالأرض التي تمسك الماء فيستفيد منها غيرها.
- ومنهم من لا ينتفع به ولا يُفيد غيره: كالأرض القاحلة لا ماء فيها ولا نبات.
فالحديث دعوة للتلقي الحسن، والفهم العميق، والعمل بما نتعلم، ثم نشره لغيرنا.
🔹 مثال من سير السلف:
كان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه من أوائل من تعلّم من النبي محمد صلى اللّه عليه وسلّم، وحفظ القرآن، وفهمه، وبدأ يُعلّمه للناس في الكوفة، حتى قال عنه عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
"كَنُـّـوُسٌ مِلْـئُهُ عِلْمٌ" أي: وعاء مملوء علمًا.
وقد تخرّج على يديه آلاف من طلاب العلم، وصار مرجعًا في الفقه والتفسير، وهذا مصداق لقول النبي محمد صلى اللّه عليه وسلّم: "فعلم وعلّم".
📌 الفائدة العملية:
إذا كنت طالب علم أو قارئًا مهتمًا، فاحرص أن تكون من الطائفة الأولى:
- تعلم وافهم،
- ثم اعمل،
- ثم شارك ما تعلمت مع أهلك وأصحابك.
فالعلم أمانة، وفضل الله لا يُنشر إلا بنشر ما بعث به النبي محمد صلى اللّه عليه وسلّم.
14.🔹 الحديث:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا." قالوا: وما رياض الجنة؟ قال: حلق الذكر.
📚 رواه الترمذي (حديث رقم 3510) وقال: حديث حسن غريب.
🔹 الشرح:
في هذا الحديث الشريف، يُشبّه النبي ﷺ مجالس الذكر والعلم برياض الجنة، وهي البساتين التي تُبهج الروح وتُنعش القلب.
فـ"الارتعاء" هو الجلوس للاستفادة، تمامًا كما ترتع الدواب في المروج الخضراء.
وهذا دليل على عِظم فضل حلقات الذكر والعلم، لما فيها من:
- تلاوة كتاب الله،
- تعليم حديث النبي محمد صلى اللّه عليه وسلّم،
- تذكير بالله واليوم الآخر.
والمقصود بها كل مجلس يُذكر فيه الله سبحانه ويُتعلم فيه العلم النافع.
🔹 مثال من سير السلف:
كان الحسن البصري رحمه الله يقول:
"مجالس الذكر غراس الجنة، فمن أراد الجنة فليجلس فيها."
وكان طلابه يحرصون على الجلوس بين يديه بعد الفجر إلى الضحى يتدارسون العلم ويذكرون الله، وسمّاهم الناس: "أهل الحلق"، لشدة لزومهم لها.
📌 الفائدة العملية:
إذا رأيت مجلس علم، أو حلقة قرآن، أو درس في مسجد أو حتى عبر الإنترنت، فلا تفوّته.
فهي رياض الجنة في الدنيا، وأثرها يبقى في القلب، وتُكتب لك الملائكة ذكرًا في السماء.
✨ قال الله تبارك وتعالى:
﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾
[سورة البقرة: 152]
15.🔹 الحديث:
عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال:
قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم:
"زينوا القرآن بأصواتكم، فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنًا."
📚 رواه أبو داود (حديث رقم 1468) وصححه الألباني.
🔗 رابط الحديث على الدرر السنية
🔹 الشرح:
هذا الحديث يُرشد المسلمين إلى تحسين تلاوة القرآن الكريم بالصوت الحسن، لما لذلك من أثر في تعظيم كلام الله تعالى، وتدبر معانيه، والتأثير في النفوس.
وليس المقصود التلحين المُتكلف أو الغناء المحرّم، بل المقصود أن يقرأ المسلم القرآن بإتقان وخشوع، وأن يُجَمّل صوته ما استطاع، دون تكلف أو خروج عن حدود التلاوة الشرعية.
فالصوت الجميل يُعين على الخشوع والتأمل، ويجعل السامع يُنصت ويتأثر، وهو أسلوب نبوي في التعليم والتأثير.
🔹 مثال من سيرة السلف:
كان أبو موسى الأشعري رضي الله عنه يُعرف بجمال صوته في تلاوة القرآن، وقد قال له النبي محمد صلى الله عليه وسلم:
"لقد أوتيت مزمارًا من مزامير آل داوود."
📚 رواه البخاري (5048) ومسلم (793).
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يستوقفه ليسمع منه، وهذا يدل على أهمية التلاوة الحسنة في الدعوة والتعليم.
📌 الفائدة العملية:
إذا كنت تحفظ آية أو سورة، فحاول أن تقرأها بخشوع وبتجويد حسن، سواء كنت وحدك أو في جمع من الناس.
وقد تُعلّم أطفالك أو من حولك، وتستخدم أسلوبًا مؤثرًا بصوت حسن، فتكون بذلك سببًا في ترسيخ القرآن في القلوب.
قال الله تبارك وتعالى:
﴿ وَرَتِّلِ ٱلْقُرْءَانَ تَرْتِيلًا ﴾
[سورة المزمل: الآية 4]
🔗 رابط الآية على المصحف بالرسم العثماني
16.🔹 الحديث:
عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال:
"رحم الله رجلًا سمع منا شيئًا فبلغه كما سمعه، فرب مبلغ أوعى من سامع."
📚 رواه الترمذي (حديث رقم 2657) وصححه الألباني.
🔗 رابط الحديث على الدرر السنية
🔹 الشرح:
في هذا الحديث النبوي الشريف، يُثني رسول الله صلى الله عليه وسلم على من يحفظ العلم كما سمعه ثم يبلغه للناس، دون زيادة أو نقصان، فينال بذلك دعاء النبي بالرحمة.
كما يلفت الحديث إلى أن بعض الناس قد يكونون أكثر وعيًا وفهمًا لما نُقل إليهم من غيرهم ممن سمعوا الأصل، مما يدل على أهمية نقل العلم بأمانة، دون تحريف أو تأويل خاطئ، حتى لو لم يكن الناقل هو الأكثر فهمًا.
🔹 مثال من سيرة السلف:
كان عبد الله بن عباس رضي الله عنهما صغيرًا عندما تُوفي النبي صلى الله عليه وسلم، لكنه سمع الكثير من الأحاديث من الصحابة الكبار ونقلها بدقة، فصار من أعلم الناس بتفسير القرآن والحديث، حتى لقبوه بـ "ترجمان القرآن".
وقد وُجد له مواقف عظيمة في الفهم العميق، رغم أن كثيرًا مما نقله إنما بلّغه كما سمعه من غيره، فكان ممن أوعى من السامعين الأولين في بعض المواضع.
📌 الفائدة العملية:
إذا سمعت حديثًا أو تعلمت مسألة، فاحرص على نقلها كما سمعتها، دون تحريف أو زيادة، وشارِكها مع أهلك وأصدقائك أو عبر وسائل النشر، فقد يكون أحدهم أوعى بها منك، فينتفع بها، وتكون لك أجره.
قال الله تبارك وتعالى:
﴿ وَذَكِّرْ فَإِنَّ ٱلذِّكْرَىٰ تَنفَعُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾
[سورة الذاريات: 55]
🔗 رابط الآية من موقع القرآن الكريم
أهمية التربية والتعليم في الإسلام:
1. بناء الفرد المسلم:
- التربية في الإسلام تهدف إلى بناء الفرد على القيم والمبادئ الإسلامية، بحيث يكون قويًا في إيمانه وأخلاقه، ويستطيع مواجهة تحديات الحياة بمرونة وحكمة.
2. صلاح الأمة الإسلامية:
- يُعتبر التعليم من الركائز الأساسية في بناء المجتمع المسلم الصالح. فالأمة التي تهتم بالعلم والتعليم تستطيع أن تُحدث تغييرًا إيجابيًا في جميع جوانب الحياة من الاقتصاد إلى السياسة إلى الثقافة.
- يُعتبر التعليم من الركائز الأساسية في بناء المجتمع المسلم الصالح. فالأمة التي تهتم بالعلم والتعليم تستطيع أن تُحدث تغييرًا إيجابيًا في جميع جوانب الحياة من الاقتصاد إلى السياسة إلى الثقافة.
3. تعزيز المساواة بين الجنسين:
- الإسلام أكد على ضرورة تعليم المرأة كما الرجل، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة."
- وقد كان هذا التأكيد سببًا في تعليم النساء في جميع فترات تاريخ الأمة الإسلامية.
4. تعزيز الوعي الديني:
- من خلال التعليم، يتعلم المسلمون أحكام دينهم، وتُترسخ لديهم المفاهيم الأساسية مثل الصلاة والزكاة والصوم والحج. وهذا يعزز تماسك الأمة ويزيد من تقوى الله في قلوب أفرادها.
- من خلال التعليم، يتعلم المسلمون أحكام دينهم، وتُترسخ لديهم المفاهيم الأساسية مثل الصلاة والزكاة والصوم والحج. وهذا يعزز تماسك الأمة ويزيد من تقوى الله في قلوب أفرادها.
كيفية تربية الأجيال على القيم الإسلامية:
-
ترسيخ القيم من خلال التعليم:
ينبغي أن يُبنى التعليم في البيت والمدرسة على قواعد الأخلاق الإسلامية، كالصِّدق، والأمانة، والتواضع، والتعامل بالحسنى مع الآخرين، ليكون سلوك الأبناء انعكاسًا لمبادئ الإسلام. -
غرس بر الوالدين في النفوس:
تعليم الأطفال احترام الوالدين وطاعتهم برفق ومحبة هو من أركان التربية الناجحة، وهو من أعظم القربات التي دعا إليها الإسلام. -
الاقتداء بالقدوة الصالحة:
يتعلم الأبناء أكثر من أفعال المربين لا من أقوالهم، لذا من المهم أن يكون الآباء والمعلمون قدوة حسنة في أخلاقهم وتعاملاتهم. -
النهل من القرآن والسنة:
القرآن الكريم والسنة النبوية هما النبعان الصافيان لتربية النفوس وتوجيه السلوك. تعليم الأبناء فهم هذه النصوص يُعينهم على بناء شخصية مؤمنة، متزنة، راقية. -
تنمية مهارات التفكير والتأمل:
الإسلام يدعو إلى استخدام العقل والتأمل في الكون والشرع، لذا ينبغي تربية الطفل على التفكير السليم، والبحث عن الحكمة، وعدم الاكتفاء بالحفظ دون فهم أو تدبر.
خاتمة:
في الإسلام، يُعتبر التربية والتعليم أساس بناء الفرد والمجتمع. من خلالهما، يتمكن المسلم من تحقيق النجاح في الدنيا والآخرة. الطلب العلم ليس فقط واجبًا دينيًا بل هو وسيلة لتحقيق التقدم الاجتماعي والنمو الشخصي. لذا، يجب على المسلم أن يحرص على تعلم العلم وتربية أولاده على القيم الإسلامية التي من شأنها أن تساهم في بناء أمة قوية ومتماسكة.
ختامًا: تبرّع لأهل غزة وكن سببًا في نجاتهم
قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم:
"المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته" [رواه البخاري].
يمكنك التبرع عبر الروابط التالية الموثوقة:
رابط 1 – رابط 2 – رابط 3 – رابط 4
(اطلع على القائمة الكاملة هنا)
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليقك و أي استفسارات لتعم الفائدة