الإمام مالك بن أنس: إمام دار الهجرة ومؤسس المدرسة الفقهية المالكية
الإمام مالك بن أنس: إمام دار الهجرة ومؤسس المدرسة الفقهية المالكية
👤 من هو الإمام مالك؟
الإمام مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي الحميري، وُلد سنة 93 هـ في المدينة المنورة، ونشأ في بيتٍ من بيوت العلم والديانة؛ فجده كان من كبار التابعين، وأبوه من أهل الورع والصلاح. هذه البيئة النقية شكّلت شخصيته العلمية منذ نعومة أظفاره، فمال إلى طلب الحديث والفقه في سنٍ مبكرة.
بدأ الإمام مالك طريقه في العلم بتتلمذه على يد كبار التابعين، من أبرزهم نافع مولى ابن عمر، وابن شهاب الزهري، وربيعة الرأي، فبلغ عدد شيوخه ما يزيد على 900 شيخ من مختلف الأمصار، كما يُذكر في الدرر السنية. وقد اختار شيوخه بعناية، وكان يُعرف بالدقة في النقل والتحقق من الروايات.
لقّب بـإمام دار الهجرة لأنه لم يغادر المدينة المنورة إلا قليلًا، فصارت المدينة في زمانه مقصدًا للعلماء وطلاب العلم من مختلف أنحاء الدولة الإسلامية، كما بيّن موقع الإسلام سؤال وجواب.
وكان الإمام مالك مشهورًا بوقاره وهيبته، لا يُحدّث بالحديث إلا على طهارة، مرتديًا أحسن ثيابه، متعطرًا، كأنه يتأهب للقاء عظيم، وكان إذا ذُكر رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم تغيّر لونه، وتوقّف من شدة المهابة.
وقد قال فيه تلميذه الإمام الشافعي كلمة خالدة تلخص مكانته العلمية:
"إذا ذُكر العلماء، فمالك النجم".
🕌 نشأته العلمية في المدينة
نشأ الإمام مالك بن أنس في المدينة المنورة، حاضرة الإسلام ومهد السنة، في بيئةٍ مشبعةٍ بالعلم والورع، فغذّى سمعه منذ الصغر بأحاديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتشرّب حب الفقه والحديث من منابعهما الأصلية. كانت المدينة في ذلك العصر تزخر بالتابعين وكبار الفقهاء، ما أتاح له فرصة لا تتكرر.
وقد تفرّغ الإمام مالك لطلب العلم في سنٍّ مبكرة، تاركًا أعمال الدنيا رغم أن والده كان يحثّه في البداية على تعلُّم التجارة، لكنه قال قولته الشهيرة لأمه حين ألبسته ثياب العلماء:
"اذهب إلى ربيعة الرأي، فخذ من أدبه قبل علمه."
وفي رواية:
"اذهب فاطلب العلم."
جلس الإمام مالك في حلقات العلماء الكبار، وجعل من مسجد النبي محمد صلى الله عليه وسلم مركزًا لتلقيه وتدريسه، فنهل من علوم نافع مولى عبد الله بن عمر، والذي كان ينقل الحديث عن الصحابي الجليل، ومن ابن شهاب الزهري، الذي كان من أعلام الحديث في زمانه، وربيعة الرأي، الذي تأثر به كثيرًا في دقة الفهم والاجتهاد.
لم يكن الإمام مالك يأخذ العلم إلا عن ثقة، فاشتهر بدقته البالغة في اختيار شيوخه، حتى بلغ عدد من أخذ عنهم من العلماء نحو 900 شيخ، كما ورد في ترجمته لدى الدرر السنية. وقد جمع في منهجه بين الرواية والإتقان، وبين النقل والعقل، فكان مذهبه متوازنًا دقيقًا.
ولم يكن هدفه جمع الأحاديث فقط، بل كان يحرص على التحقق من صحتها، وعلى العمل بها، حتى قيل إنه لم يروِ حديثًا إلا بعد أن توضأ وصلى ركعتين، إجلالًا لحديث رسول الله محمد صل الله عليه وسلم، كما ذكر موقع الإسلام سؤال وجواب.
📚 كتاب "الموطأ"
يُعد كتاب "الموطأ" من أعظم المصنفات في تاريخ الإسلام، بل هو من أقدم كتب الحديث والفقه المعروفة التي وصلت إلينا مكتملة، ويمثّل بحق منهجًا فريدًا في الجمع بين نقل الرواية وفهم الفقه. بدأ الإمام مالك بن أنس في تأليفه بناءً على طلب الخليفة المنصور، لكن الإمام لم يتسرع في إخراجه، بل استغرق في تصنيفه أربعين سنة من المراجعة والتنقيح، حتى قيل إنه عرضه على سبعين فقيهًا من أهل المدينة، وكلهم أجازوه، كما ورد في الموسوعة الشاملة.
تميز الموطأ بمنهجيته المحكمة، حيث رتبه الإمام مالك على أبواب الفقه، وضمنه أحاديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم التي عَمِل بها أهل المدينة، باعتبار أن عمل أهل المدينة في فقهه حجة تُعتد، لأنه يمثل إجماع الصحابة والتابعين الذين عاشوا في حضرة السنة. كما اشتمل الموطأ على فتاوى الإمام مالك، وآراء الصحابة، والتابعين، مما جعله مرجعًا جامعًا للحديث والفقه في آن واحد.
وقد قال فيه الإمام الشافعي رحمه الله قولته الشهيرة التي تعكس مكانة الكتاب وعظمته:
"ما على ظهر الأرض كتابٌ بعد كتاب الله أنفع من موطأ مالك".
وقد تعددت روايات الموطأ، وأشهرها رواية يحيى بن يحيى الليثي، وهي الرواية المعتمدة في المذهب المالكي.
📖 لقراءة كتاب الموطأ كاملًا، يمكنك الرجوع إلى نسخته المتوفرة على المكتبة الشاملة.
🧠 مذهبه الفقهي
أسّس الإمام مالك بن أنس مذهبًا فقهيًا يُعد من أربعة المذاهب السنية الكبرى، وهو المذهب المالكي، الذي انتشر في الحجاز أولًا، ثم في شمال إفريقيا، والأندلس، وغرب إفريقيا، ولا يزال متبعًا في عدة دول مثل المغرب، الجزائر، تونس، موريتانيا، السودان وأجزاء من مصر.
يرتكز المذهب المالكي على مصادر تشريعية أصيلة ومتكاملة، هي:
- القرآن الكريم: باعتباره الأصل الأول في التشريع.
- السنة النبوية: وكان الإمام مالك من أعظم من خدم السنة، بل قال عنه الشافعي: "ما أحد أمنّ عليّ من مالك". وقد جمع الأحاديث في كتابه "الموطأ" كما سبق.
- إجماع أهل المدينة: وهو من أهم ما يميز المذهب المالكي، حيث كان الإمام مالك يعتبر أن عمل أهل المدينة حجة قطعية، لأنهم أقرب الناس عهدًا بالنبي محمد صل الله عليه وسلم، ونقلوا الدين جيلًا بعد جيل. وشرح هذا المفهوم مفصلًا في الموسوعة الفقهية الكويتية – مادة: أهل المدينة.
- القياس: وهو إلحاق غير المنصوص على حكمه بما نص عليه، لعلة جامعة بينهما.
- المصالح المرسلة: وهي اعتبار المصلحة العامة غير المنصوص عليها، إذا لم تخالف نصًا شرعيًا. استخدمها الإمام مالك بتوازن دقيق، مراعيًا مقاصد الشريعة، كما ورد في الموسوعة الإسلامية العامة – المصالح المرسلة.
- سد الذرائع: أي منع ما قد يؤدي إلى الحرام، وإن لم يكن محرمًا في أصله.
- قول الصحابي: فإن لم يُعرف له مخالف، يُقدّم رأيه على غيره.
وقد عُرف عن الإمام مالك شدة التمسك بالسنة، وكان يكره الابتداع، ويقول:
"لن يُصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها".
وقد بنى مذهبه على التوسط والاعتدال، فجعل مقاصد الشريعة ومصلحة الناس من أهم أدوات فهم النصوص وتطبيقها، مما أعطى المذهب المالكي مرونة كبيرة في التعامل مع المستجدات.
📿 عبادته وورعه
كان الإمام مالك بن أنس من العلماء الربانيين الذين جمعوا بين العلم والعمل، وبين الفقه والورع، حتى صارت هيبته وعِظَمُ مكانته مضربًا للمثل بين أهل العلم. وقد عُرف عنه توقيره الشديد لله تعالى، وخشيته، وتعظيمه لسنة رسوله محمد صل الله عليه وسلم، مما انعكس في كل أقواله وسلوكياته.
قال أحد طلابه:
"ما كنتُ أطرق باب مالك إلا وقت الصلاة"،
إشارة إلى كثرة خلوته بالعبادة، وعدم انشغاله بأمور الدنيا.
وكان الإمام مالك لا يحدّث بحديث النبي محمد صل الله عليه وسلم إلا وهو على طهارة، جالسًا في هيئة الوقار، متعطرًا، مرتديًا أجمل ثيابه، كأنه مقبل على لقاء عظيم. وقال:
"أحب أن أعظّم حديث رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، ولا أحدث إلا على طهارة، وفي أحسن حال".
وقد ذكر ابن خلدون في "المقدمة" أن الإمام مالك كان من أكثر الناس حرصًا على السنة النبوية، وكان يقول:
"السنة سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها هلك"، كما ورد في المكتبة الوقفية – مقدمة ابن خلدون.
عرف الإمام مالك بكثرة الصيام، والتواضع، والزهد في الدنيا، فكان لا يُقبل على مائدة فيها لهو أو إسراف، وكان يرفض منصب القاضي رغم إلحاح الخلفاء، لأنه خشي أن يُفتن بالسلطة أو يُساق إلى الظلم.
وقد أثنى عليه سفيان الثوري – وهو من كبار علماء زمانه – بقوله:
"مالك أمير المؤمنين في الحديث".
⚖️ موقفه من الفتنة
كان الإمام مالك بن أنس نموذجًا نادرًا في الثبات على الحق، والتمسك بالمبادئ في وجه الضغوط السياسية، مهما اشتدت. فقد عاصر عدة خلفاء من بني العباس، وكان يُجلّ الخلفاء ويحترم السلطة، لكنه لم يكن يواليها على حساب الشرع، بل كان صلبًا في الدفاع عن الحق، لا يبيع فتواه لأحد.
في إحدى الفتن الشهيرة، أُجبر الناس في المدينة على البيعة بالإكراه، وقُيّدت حرية الفقهاء، فوقف الإمام مالك موقفًا شجاعًا، وأفتى بأن البيعة المأخوذة بالإكراه لا تصح شرعًا، مستدلًا بقول الله تبارك وتعالى:
﴿إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ﴾ [النحل: 106].
هذه الفتوى أغضبت الوالي العباسي على المدينة، فأمر بجلد الإمام مالك علنًا، حتى خلعت كتفه، لكنه صبر واحتسب، وثبت على رأيه، ورفض أن يُحرف العلم لأجل إرضاء السلطة. وقد روى هذه الحادثة الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء وابن كثير في البداية والنهاية.
ومن أقواله الخالدة التي تُبيّن شروط أهلية العالم:
"العلم لا يُؤخذ من أربعة:
١- سفيه يُعلن السفه،
٢- وصاحب هوى يدعو إليه،
٣- ورجل يكذب في حديث الناس،
٤- وآخر له فضل وعبادة، إن لم يعرف ما يحدث، فلا تأخذ منه".
كانت هذه الكلمات دستورًا للأمانة العلمية في كل زمان، وهي دليل على فهمه العميق لحقيقة العلم والفتنة والسياسة، فقد كان الإمام مالك فقيهًا، وزاهدًا، وعالمًا بالواقع.
🏁 وفاته
توفي الإمام مالك بن أنس رحمه الله سنة 179 هـ، عن عمرٍ ناهز ستة وثمانين عامًا، في المدينة المنورة التي وُلد فيها وعاش حياته كلها في خدمة العلم والسنّة. وقد كانت وفاته يوم أكبر من أيام المدينة، حيث شيّعه الناس بكثرة، ودفن في البقيع بجوار صحابة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، في موضعٍ يليق بمكانته وجهاده في سبيل العلم.
وقد رثاه العلماء وذكروه في كتب السير والتراجم، وقال عنه ابن كثير في البداية والنهاية:
"كان مالك من أحسن الناس خُلُقًا، وأكثرهم عبادة، وأشدهم توقيرًا للحديث، وكان أهل المدينة يعظمونه حيًا وميتًا"
(رابط المرجع).
ترك الإمام مالك إرثًا علميًا ضخمًا، في مقدّمته المذهب المالكي الذي لا يزال حيًا يُدرّس في الجامعات الإسلامية الكبرى، ويُعمل به في القضاء والفتوى في بلدان كثيرة، منها:
المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا، موريتانيا، غرب إفريقيا، السودان، وبعض مناطق الخليج ومصر.
ولا تزال كتبه، وعلى رأسها الموطأ، تُدرّس ويُرجع إليها، ويُعدّ مذهبه من أكثر المذاهب ارتباطًا بعمل الصحابة والتابعين، ومن أقربها إلى مقاصد الشريعة.
وقد قال عنه الإمام الشافعي:
"إذا جاء الحديث عن مالك، فشد يدك به، فإنه الإمام بحق".
📌 الدروس المستفادة من سيرة الإمام مالك
❖ طلب العلم يحتاج إلى صبرٍ وصدق
الإمام مالك لم يبلغ مكانته العلمية بين عشية وضحاها، بل قضى عقودًا في حلقات العلم، متنقلًا بين كبار العلماء، حريصًا على الرواية المتقنة والفهم العميق. وقد قال رحمه الله:"ما تعلمت العلم إلا لنفسي، وما تعلمته ليحتاج الناس إليّ"،
مما يدل على إخلاصه ونقاء نيته، كما أشار إلى ذلك في سير أعلام النبلاء للذهبي.
❖ الثبات على الحق مهما كلف الأمر
حينما أُجبر الناس على بيعة سياسية بالإكراه، رفض الإمام مالك أن يُفتي بما يرضي السلطة، فثبت على الفتوى الشرعية رغم تعرضه للضرب والجلد، في صورة من صور الصلابة في المبدأ التي نفتقدها كثيرًا اليوم.❖ العلم مرتبط بالأدب والتوقير
كان الإمام مالك لا يُحدث بحديث رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم إلا على طهارة، وفي أحسن هيئة، وبأدب جمّ، مما يُرسي قاعدة ذهبية:أن العلم الحقيقي لا ينفصل عن الأدب، ومن لم يتأدب لم ينتفع بعلمه.
وقد قال ابن المبارك: "نحن إلى قليل من الأدب أحوج منا إلى كثير من العلم."
❖ التوازن بين النقل والعقل
أرسى الإمام مالك قاعدة مهمة في الفقه، وهي الجمع بين النص والرأي السليم. فلم يكن مقلّدًا جامدًا، ولا صاحب هوى متفلّت، بل كان يعتمد على الحديث الصحيح، ويوازن بالرأي الفقهي إذا لم يوجد نص صريح، مراعيًا مقاصد الشريعة وواقع الناس، كما فصّل ذلك العلماء في أصول الفقه المالكي – المكتبة الوقفية.📖 نافع مولى ابن عمر
نافع هو أحد كبار التابعين، وكان مولى لـعبد الله بن عمر رضي الله عنهما، ولازمه طويلًا في الفقه والحديث، حتى أصبح من أوثق الرواة عنه. وقد أخذ عنه العلم كبار الأئمة، وعلى رأسهم الإمام مالك بن أنس، حتى صار نافع حلقة في سلسلة الذهب المشهورة في علم الحديث:
مالك عن نافع عن ابن عمر.
وقد قال الذهبي في سير أعلام النبلاء:
"كان من أوعية العلم، ثقة ثبتًا، عابدًا، نبيلاً."
وكان نافع معروفًا بالورع والأمانة، لا يروي إلا ما سمعه يقينًا، وقلّ أن يُشكّ في حديثه، ولهذا أجمع أهل الحديث على توثيقه. ويُعد من رواة أحاديث الأحكام التي بُنيت عليها كثير من مسائل الفقه الإسلامي، خاصة في المذهب المالكي.
📌 يُضرب به المثل في قوة الحفظ، وحُسن الضبط، وسلامة الدين.
📚 للمزيد:
👤 عبد الله بن عمر رضي الله عنهما
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب، الصحابي الجليل، وأحد الفقهاء السبعة في المدينة، وواحد من أكثر الصحابة روايةً للحديث عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وُلد قبل البعثة بأعوام قليلة، وكان من أوائل من أسلموا من الشباب، وشارك في غزوات النبي محمد صلى الله عليه وسلم بدءًا من الخندق، وكان حريصًا على اتباع السنّة بدقّة متناهية حتى في أدق الأمور.
📌 مكانته في العلم:
كان من أعلم الصحابة بالسنّة، وأكثرهم تمسّكًا بها، واشتهر بالورع والاحتياط في الفتوى. وكان إذا سُئل عن أمر، يتوقّف فيه حتى يتحقق من وجود حديث عن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم فيه، وقلّ أن يفتي من رأيه.قال عنه الإمام مالك:
"بلغ ابن عمر في الفقه والعلم مبلغًا عظيمًا، وكان على أثر النبي محمد صلى الله عليه وسلم يسير في كل خطوة".
📚 أثره في الرواية والتعليم:
روى عنه عدد كبير من كبار التابعين، أبرزهم:نافع مولاه، ومجاهد بن جبر، وسعيد بن جبير. وتُعد روايات نافع عن ابن عمر من أوثق الروايات، وهي التي اعتمد عليها الإمام مالك في موطئه، وتسمى في علم الحديث بـالسلسلة الذهبية.
🕌 ورعه وزهده:
كان عبد الله بن عمر شديد التواضع، زاهدًا في الدنيا، كثير الصدقة والقيام، حتى قيل:"ما رؤي أحدٌ أشدُّ اتباعًا لسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم منه"،
كما في سير أعلام النبلاء – الذهبي.
📖 الإمام ابن شهاب الزهري
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري، تابعيٌ جليل، وإمامٌ في الحديث والفقه، وأحد أوائل من دوَّنوا الحديث الشريف في عهد بني أمية، بطلب من الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمه الله.
وُلد سنة 51 هـ ونشأ في المدينة المنورة، حيث تلقى العلم عن كبار الصحابة، منهم:
أنس بن مالك، وسهل بن سعد، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير وغيرهم. ثم أخذ عنه عدد كبير من التابعين، وكان من أبرزهم:
الإمام مالك، والأوزاعي، والليث بن سعد.
📚 مكانته العلمية:
قال فيه الإمام الذهبي:
"كان الزهري بحراً في العلم، حافظًا، فقيهًا، عالي الإسناد، رأسًا في السنة".
📎 سير أعلام النبلاء – الذهبي
وكان الزهري يتميز بـجمعه بين الرواية والدراية، وكان يشتغل بالحديث والفقه معًا، ويهتم بتدوين العلم وتبويبه، وهو من مؤسسي علم تاريخ الحديث النبوي من حيث الترتيب والسند والتصنيف.
🕯️ ورعه وهيبته:
رُوي أنه قال:
"ما استودعت قلبي شيئًا فنسيته"،
في إشارة إلى قوة حفظه، وكان لا يحدث بالحديث إلا عن ثقة، ولا يقبل التحديث في المجالس العامة، تعظيمًا لشأن العلم.
📖 ربيعة الرأي
هو ربيعة بن عبد الرحمن بن أبي عمرو المدني، ويُلقب بـربيعة الرأي، أحد كبار فقهاء التابعين في المدينة المنورة، ومن أبرز شيوخ الإمام مالك، وقد أخذ عنه الإمام كثيرًا من فقهه وتوجهه العلمي في الاجتهاد بالرأي مع الاستناد إلى النصوص الشرعية.
ولد في المدينة في أوائل القرن الثاني الهجري، وتربى في بيئة علمية بين كبار التابعين وتلاميذ الصحابة، حتى أصبح من فقهاء المدينة السبعة.
🧠 لماذا لُقّب بـ"ربيعة الرأي"؟
لشدة اهتمامه بـ الرأي والاجتهاد الفقهي، حتى عُرف بذلك بين العلماء. وكان يُكثر من استخدام القياس والمصالح المرسلة في فقهه، مما جعله أحد رواد مدرسة المدينة العقلية. وقد قال فيه الإمام مالك:"ما رأيت أحدًا أعلم من ربيعة".
📚 مكانته وتأثيره:
كان ربيعة معاصرًا للإمام أبي حنيفة، وله منهج فقهي قريب في اعتبار العقل والقياس، لكن في إطار الالتزام بعمل أهل المدينة والسنة النبوية. وقد أثنى عليه عدد من العلماء، حتى قال فيه ابن معين:"ثقة مأمون، إمام في العلم والرأي".
📎 للمزيد: سير أعلام النبلاء – ربيعة بن أبي عبد الرحمن
⚔️ عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما
هو عبد الله بن الزبير بن العوام، ابن الصحابي الجليل الزبير بن العوام، وأمه أسماء بنت أبي بكر الصديق، وُلد في المدينة المنورة سنة 2 هـ، وكان أول مولود للمسلمين بعد الهجرة.
نشأ عبد الله في بيت إيمان وجهاد، فشبّ على حب الدين والصدق في القول والعمل. شهد كثيرًا من الفتوحات الإسلامية، وكان فارسًا مقدامًا وخطيبًا مفوهًا، وعُرف بـ الورع والعبادة والشجاعة النادرة.
🕌 مكانته العلمية والجهادية:
كان من أفقه الصحابة، وممن حملوا علم أبيه وخاله عبد الله بن أبي بكر، وتلقى العلم من النبي محمد صلى الله عليه وسلم مباشرة. وكان يكثر الصيام والقيام، حتى قال عنه عمر بن عبد العزيز:"والله ما رأيت أحدًا أنسك ولا أورع من ابن الزبير".
📜 ثورته ضد الظلم:
بعد استشهاد الحسين بن علي رضي الله عنه، بايع أهل الحجاز عبد الله بن الزبير بالخلافة، فقام في مكة يدعو للعدل ونبذ الظلم، ورفض بيعة يزيد بن معاوية بسبب فساده. فكان من أوائل من وقفوا بجرأة في وجه الانحراف السياسي في الدولة الأموية.🚩 استشهاده:
حوصرت مكة في عهده، وهاجمها الحجاج بن يوسف الثقفي بأمر عبد الملك بن مروان، فصمد عبد الله حتى قُتل شهيدًا سنة 73 هـ وهو صائم، عن عمر يناهز 72 عامًا.وقد قالت عنه أمه أسماء بنت أبي بكر عند وفاته:
"يا بني، لقد طال ما صبرتُ عليك حيًّا، أفأصبر عنك ميتًا؟!"
📚 للمزيد:
🕌 الإمام الأوزاعي
هو عبد الرحمن بن عمرو بن يُحْمِد الأوزاعي، أحد أئمة التابعين، وعالم بلاد الشام ومجددها في القرن الثاني الهجري. وُلد سنة 88 هـ، وتوفي سنة 157 هـ في بيروت، وكان من أوسع الناس علمًا، وأكثرهم ورعًا وزهدًا، حتى قال فيه الإمام الذهبي:
"كان الأوزاعي عالم أهل الشام، وإمامهم، وكان من الربانيين العاملين، الثقات المتقنين".
📚 مكانته العلمية
أسّس المذهب الأوزاعي الذي انتشر في الشام والأندلس والمغرب في زمنه، وكان له أتباع كثيرون. تميز منهجه بالاعتماد على أقوال الصحابة، وعمل أهل الشام، إضافةً إلى الكتاب والسنة والإجماع والقياس.وكان يقول:
"إذا أراد الله بقوم سوءًا فتح عليهم باب الجدل ومنعهم العمل".
وقد أخذ العلم عن كبار التابعين، مثل الزهري، ومكحول، وعطاء، وروى عنه الأئمة مثل سفيان الثوري، ومالك، وأبو حنيفة، وغيرهم.
🧠 زهده وورعه
عُرف الأوزاعي بورعه الشديد وابتعاده عن السلطان، وكان لا يخشى في الله لومة لائم. دخل على أحد حكام بني أمية فنصحه بقوة، وقال له:"يا أمير، إنك ميت وحدك، وتُبعث وحدك، وتُحاسب وحدك".
⚖️ مواقفه ضد الظلم
كان شديدًا في قول الحق، ووقف ضد تعذيب الناس وضد بطش السلطان، مما جعل له هيبة بين الحكام والعلماء، وكان يُعد من أصوات العدل في زمانه، حتى وصفه العلماء بأنه "ضمير الأمة في الشام".📎 للمزيد من المصادر
👤 سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه
هو سهل بن سعد بن مالك الأنصاري الساعدي، من صغار الصحابة، وكان غلامًا في سن المراهقة عندما شهد بعض مشاهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وعُرف بزهده وعبادته وطول عمره، حيث عاش حتى قارب المئة سنة.
🔹 مكانته في الإسلام:
سهل من الصحابة الذين طالت أعمارهم، فصار يُحدّث الناس عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم بعد وفاته بسنوات طويلة، وقد روى عنه كثير من العلماء مثل الزهري، وعبد الله بن دينار، ويحيى بن سعيد الأنصاري. وكان ثقة، ثبتًا، عابدًا، حتى قال فيه أهل العلم:"آخر من بقي من الصحابة في المدينة المنورة".
📜 من أحاديثه المشهورة:
عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال:"إن في الجنة بابًا يُقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم..."
📚 رواه البخاري ومسلم – صحيح البخاري: 1896
🕯️ وفاته:
توفي رحمه الله في المدينة المنورة سنة 88 هـ تقريبًا، وكان آخر من توفي من الصحابة في المدينة، رحمه الله ورضي عنه.🔗 مصادر موثوقة:
- الدرر السنية – ترجمة الإمام مالك
- الإسلام سؤال وجواب – من هو الإمام مالك
- المكتبة الشاملة – كتب الإمام مالك
ختامًا: تبرّع لأهل غزة وكن سببًا في نجاتهم
قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم:
"المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته" [رواه البخاري].
يمكنك التبرع عبر الروابط التالية الموثوقة:
رابط 1 – رابط 2 – رابط 3 – رابط 4
(اطلع على القائمة الكاملة هنا)
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليقك و أي استفسارات لتعم الفائدة